للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إحقاق الله عز وجل الحق وإبطاله للباطل]

يقول الله تعالى: {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ} [الأنفال:٧]، أي: يريد الله تعالى أن يقع ما يريد، ولابد أن يقع ما يريد الله سبحانه وتعالى؛ لأن الله غالب على أمره، ولابد أن يكون القتال حتى تنطمس معالم الكفر.

قال سبحانه: {وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} [الأنفال:٧]، الكافرون دائماً يفسدون في الأرض، ودائماً هم الذين يشوشون على المسلمين، ودائماً هم الذين يفتنون المؤمنين في دينهم، ودائماً هم الذين يستعملون أولياء لهم ولو من المسلمين من أجل أن يفتنوا هؤلاء الناس عن دينهم، فالله تعالى يريد أن يقمع هؤلاء وأولئك من المنافقين والكافرين وغيرهم، وترتفع كفة الإسلام، ولذا قال: {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} [الأنفال:٧].

والدابر معناه: المؤخر، أي لا يبقى للكفر على هذه الأرض مكان، ولا تبقى له دولة، ولا يبقى له أنصار ولا أعوان ولا دعاة ولا أحد يمده، وهذا هو الذي يريده الله سبحانه وتعالى، وإرادة الله تعالى تنفذ، لكن لابد أن تنفذ على أيدي هؤلاء المؤمنين، فإن سنة الله تعالى في هذه الحياة أن يمتحن المؤمنين بالكافرين والكافرين بالمؤمنين، كما قال سبحانه وتعالى: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ} [الفرقان:٢٠]، يعني: هل تتحملون هذه الفتنة؟ ولابد أن تتحملوها.

ثم يقول الله تعالى: {وَيَقْطَعَ دَابِرَ} [الأنفال:٧]، يعني: مؤخر ونهاية {الْكَافِرِينَ} [الأنفال:٧]، {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ} [الأنفال:٨]، أي: حتى يظهر الإسلام، وفعلاً ظهر الإسلام بعد موقعة بدر، وسقط الباطل، قال سبحانه: {وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [الأنفال:٨]، فالمجرمون بطبيعتهم لا يريدون أن يسقط الباطل ويرتفع الحق، وهم دائماً أعوان للباطل ضد الحق، وهم دائماً يريدون أن يرتفع الباطل وينخفض الحق، ولذلك تجد أنهم يستعملون كل الوسائل وجميع الطاقات حتى إنهم يقدمون أنفسهم وربما يقدمون أعراضهم أيضاً وأموالهم حتى ترتفع كفة الباطل وتنخفض كفة الحق، أما الله سبحانه وتعالى فهو يريد أن يسلط المؤمنين على الكافرين، حتى تنخفض كفة الباطل وترتفع كفة الحق.