ولعل جاهلية الأمس التي بعث فيها محمد صلى الله عليه وسلم لم تترك شاردة ولا واردة في عصرنا الحاضر إلا وفرضته عليه.
ومن هنا يجب أن ينتبه المسلمون لهذا؛ فإن هذا سلوك يشبه سلوك الكافرين سواءً بسواء، مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لتتعبن سنن -أي: طريقة- من كان قبلكم، حذو القذة بالقذة -أي: كالسهم يتبع السهم- قالوا: يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟).
ونحن نكره اليهود في حقيقتنا وفي واقعنا وفي ألسنتنا، لكن أخلاقهم وسلوكهم قد وقع فيها كثير من المسلمين، نسأل الله العافية! بل إذا قيل لأحدهم: اتق الله! قال: هذه هي الحضارة، وهذا هو التقدم! فسموا الأشياء بغير أسمائها، وغيروا المسميات كما غيروا الأسماء؛ فسموا الربا اقتصاداً، وسموا الرقص والغناء فناً وفنوناً، والفنون جنون، وسموا الخمر مشروبات روحية، وسموا النفاق مجاملة، وسموا الكذب دبلوماسية!! وسموا وسموا وكل هذه الأشياء حقائقها ما زالت باقية، لكن أسماءها قد غيرت، يريدون أن يموهوا على الناس وهي على حقيقتها لا تتغير؛ فالحقائق لا تتغير.
أيها الإخوان! حينما ننظر في سلوك كثير من المسلمين الذين ابتلوا بتقليد أعدائهم، والذين حكى عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبر بقوله:(لتتعبن سنن من كان قبلكم)؛ نجد أنهم أصبحوا صورة طبق الأصل لأعدائهم الذين هم يظهرون العداء لهم في الظاهر.