ومن هذه الأمور التي تسبب سخط الله عز وجل:(أن يكون زعيم القوم أرذلهم): وهل يكون زعيم القوم أرذلهم؟
الجواب
نعم، إذا فسدت الأذواق، وكان الأمر بغير أيدي العقلاء، وتولى أمور المسلمين غير الصالحين منهم، وقادوا سفينة تسير في أعماق بحر متلاطم الأمواج، ولا يستطيع أن يخلص هذه السفينة من هذه الأمواج ومن هذا البحر المتلاطم إلا العقلاء.
فإذا كان أمر المسلمين في العقلاء فإن ذلك هو الخير للقائد وللمقود، وإذا فسدت الأمة، أو فقدت الصالحين، أو أصبحت مغلوبة على أمرها، وكان من يتولى أمر المسلمين هم الفسقة، أو الذين لا يخلصون في قيادة هذه السفينة، أو الذين يريدون أن يهتموا بمصالحهم، أو يشبعوا رغباتهم، أو ينتقموا من الصالحين فحينئذٍ تخرب القيادة، ويفسد الأمر، وربما تغرق السفينة، وربما تغطيها الأمواج، وربما تصطدم بجبل فتتحطم، ولذلك فإننا نقول: إن أمر المسلمين يجب أن يكون في أصلحهم وأتقاهم وأعبدهم لله عز وجل وأكثرهم إخلاصاً لهذه الأمة؛ حتى تسير سفينة الحياة إلى شاطئ النجاة دون أن يصيبها خلل ودون أن تصاب بأمر من الأمور.
أيها الإخوة! إن الصالحين من هذه الأمة هم الذين يستطيعون أن يقودوا هذه السفينة إلى ساحل النجاة، سواء كانوا السلطة الحاكمة أو الأمراء أو الوزراء أو العلماء، وإذا كان هذا الأمر في الصالحين فإن الأمة الإسلامية بخير، قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(وإذا وسد إلى غير أهله فانتظر الساعة).
ونحن نطالب كل من يتولى أمراً من أمور المسلمين أن يتقي الله عز وجل، وأن يؤدي هذه الأمانة التي استرعاه الله عز وجل إياها، وأن يبحث عن أصلح الناس وأكفئهم ليتولى هذه الأمور، وندعو القادة والعلماء إلى أن يقودوا هذه الأمة إلى عزها وصلاحها وكرامتها، وإلا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:(وإذا كان زعيم القوم أرذلهم فانتظروا عند ذلك ريحاً حمراء).
وهذه المسئولية وهذه القيادة ليست خاصة بولاة الأمر الكبار في الأمة الإسلامية، ولكنها أيضاً تعم كل من تولى أمراً من أمور المسلمين، وكل من استرعاه الله عز وجل على مسئولية، فحتى الموظفون وحتى رؤساء الأقسام وحتى المسئولون عن دوائر الحكومة يدخلون في ذلك، فهو يعم المسئولية الكبرى والمسئولية الصغرى، فيجب أن تكون دائماً في الصالحين وفي أكفاء الناس وفي أصحاب الخبرة والعقل والدين والحزم والأمانة، وإلا فإن الأمر خطير وخطير جداً، ولذلك فإن من يتتبع تاريخ أي أمة من الأمم يرى أن أسباب سقوطها وبداية نهايتها حينما يكون الأمر في غير أهله.