كيف يجد الإنسان لذة الإيمان؟ فأنا شاب متدين ولا أزكي نفسي، ولكني لا أجد في الحقيقة اللذة التي أخبرت عنها، والجنة التي ذكرها ابن القيم رحمه الله في الدنيا، مع العلم أنني أحاول جاهداً البحث عن هذه اللذة، ما هو الطريق الصحيح لهذه اللذة، حفظكم الله ورعاكم؟
الجواب
هذه اللذة لا تحتاج إلى بحث؛ لأنها مثل الإيمان، تصور يا أخي! حال اثنين: أحدهما يؤمن بالحياة الآخرة، والثاني لا يؤمن بالحياة الآخرة، وكل واحد منهم أصابته مصيبة، تجد أن الذي لا يؤمن بالحياة الآخرة يعيش بقلق، لماذا أصابه هذا المرض؟ ولماذا أصابته هذه الفاقة؟ أما الثاني: فإن اللذة تبرز حينما يقول: الحمد لله ما دامت ما أصابتني هذه النعمة في الدنيا، وما دمت حرمتها في الدنيا فلن أحرم منها في الآخرة إن شاء الله، وما دامت أصابتني هذه المصيبة فأنا أحتسب أجرها عند الله سبحانه وتعالى، هذه هي حقيقة المتعة واللذة.
ولذلك قلت لكم: إن الأمم التي لا تؤمن بالحياة الآخرة هي التي لا تتخلص من مشاكل الحياة إلا بالانتحار، فأقول: إن لذة الإيمان أمر لا يحتاج إلى بحث وجهد، وإنما هو بطبيعته يبحث عن الإنسان، وحياة المؤمن دائماً يشعر فيها بهذه اللذة، لكن لو أن واحداً من الناس يعتبر نفسه مؤمناً ولكنه لا يشعر بهذه اللذة، فنقول له: يا أخي! عالج نفسك وعالج قلبك، أكثر من تلاوة القرآن، تتبع أخبار يوم القيامة وأخبار الحياة الآخرة، وابحث عنها وصورها أمامك، وحينئذٍ تجد هذه اللذة، وتجد لذة الخلود التي لا يشعر بها إلا المؤمنون، وأما غير المؤمنين فليس لهم خلود إلا في نار جهنم، أما المؤمنون فإنهم يشعرون بالخلود؛ لأن الموت لا يعتبرونه فناء أو نهاية، وإنما يعتبرونه بداية النعيم بالنسبة لهم، ومن هنا تبرز هذه اللذة في حياة المؤمن.