روى حذيفة بن اليمان رضي الله عنه حديثاً عجيباً أراه اليوم يتحقق في هؤلاء الذين يحسبون على الإسلام، ويحملون الأسماء الإسلامية: أحمد ومحمد وعبد الله وعبد الرحمن وسعد وسعيد، وهم أكبر عدو وألد عدو للإسلام! ولو كان الإسلام يحارب كما في الجاهلية الأولى بـ أبي جهل وأبي لهب لكان الأمر سهلاً! لكنه يحارب بهؤلاء الذين يحملون الهويات الإسلامية، والأسماء الإسلامية، وتربوا في بيوت المسلمين، وهم من أسر إسلامية عريقة، ومع ذلك فهم أخطر على الإسلام من أبي جهل وأبي لهب في وقتهم، وأخطر على الإسلام من أعداء الإسلام الذين يأتون من الخارج!! يقول حذيفة:(كان الناس يسألون الرسول صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله! كنا في جاهلية وشر فجاء الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، فقلت: يا رسول الله! وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دخن، قوم يستنون بغير سنتي ويهتدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر، فقلت: يا رسول الله! وهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال نعم: دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قال: يا رسول الله! صفهم لنا، قال: قوم من أبناء جلدتنا، وممن يتكلمون بألسنتنا) كيف ذلك؟ لو أردنا الآن أن نحصر ما كتبه المتمسلمون أو المنسوبون إلى الإسلام في الصحف وفي المجلات وفي المؤلفات من الطعن في الإسلام، ثم ننظر ما كتبه الأعداء الذين يأتون من الخارج، لوجدنا أن الأول أضعاف مضاعفة بالنسبة للثاني! بل وجدنا ممن يعتز بكفره وبجاهليته من غير المسلمين، من يثني على الإسلام! مع أننا لا نحتاج إلى ثنائهم، حتى قال برنارد شو: إن محمداً لو بعث اليوم لحل مشاكل العالم وهو يحتسي فنجاناً من القهوة!! فهذه كلمة يقولها رجل كافر يهودي، وتلك مقالات يقولها أناس يحسبون على الإسلام.
فالأمر خطير، والمصيبة داخل البيت! ولو كان العدو من الخارج لكان من السهل أن تحمى البلاد بالحصون، وأن يقف كل مسلم أمام داره ليحمي هذا البيت، ولكن المصيبة كما قال الشاعر: وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند فهذا مثل ضربناه لقوم يحسبون ويعدون من الرجال وما هم برجال! وقوم أيضاً يحسبون على الإسلام والإسلام منهم براء! وإنني لا أنسى حينما سمعت رجلاً ممن يعيش في أقرب المرافق المقدسة يقول مقالته المشهورة: منذ نزول سورة تبت ووجود الهاشمي -يقصد محمداً صلى الله عليه وسلم- أصبح العالم في تأخر! ثم يثني على أم جميل زوجة أبي لهب إلى غير ذلك.