للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الصبر على الاستقامة والثبات عليها]

السؤال

بعض الشباب المتدينين يلاقون بعض المضايقات من بعض الناس بإطلاق الكلمات القبيحة التي قد تؤثر على الشاب الذي هو في بداية الاستقامة، فما هي الآيات القرآنية التي نقرؤها من أجل أن يتقوى إيمان هؤلاء الشباب؟

الجواب

هذا المبدأ قديم وليس بجديد، فالمسلمون الأوائل كانوا يلاقون مثل هذه الضغوط وأشد من ذلك، كان الواحد منهم كـ بلال رضي الله عنه توضع حجارة حارة على بطنه، ولا يصده ذلك عن دينه، وكان عمار وأبوه ياسر وأمه سمية وأناس غيرهم يلاقون صنوف الأذى في سبيل دينهم ولا يصدهم ذلك عن دين الله.

وممن لاقى الصد عن الدين سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وذلك أنه اعتنق الإسلام فقالت أمه: يا سعد! والله لا آكل طعاماً ولا شراباً حتى تكفر بدين محمد.

فجلس هذا الرجل بين عاملين -عامل الإيمان والعقل وعامل العاطفة- ينظر إلى أمه ونفسها تتقعقع من شدة الجوع، ولكن العقل غلب العاطفة فقال: اسمعي يا أماه: والله لو كانت لك مائة نفس فخرجت واحدة بعد الأخرى ما تركت ديني، فإن شئت فكلي وإن شئت فلا تأكلي.

فأكلت، وأنزل الله تعالى فيه قوله: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ} [لقمان:١٤] إلى قوله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} [لقمان:١٥].

أما ما يلاقيه المسلمون من التعب في أيامنا الحاضرة فإنا نعزيهم فيه بقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [البقرة:٢١٢]، ونعزيهم بقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ} [المطففين:٢٩ - ٣٢] يقولون: هذا لحيته طويلة.

هذا ثوبه قصير.

هذا رجعي.

هذا فيه كذا.

أما النتيجة: {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المطففين:٣٤ - ٣٦].

وحينئذ فيكفيك فخراً -أيها الأخ المسلم- أن يقول الله لك بأنك مؤمن {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ} [المطففين:٢٩]، ويقول الله تعالى عن يوم القيامة حينما يجمع الله الناس ثم يكون فريق في الجنة وفريق في السعير، ويبدأ الخصام بين هؤلاء الذين يسخرون من المتدينين ويضحكون منهم ويتخذونهم سخرياً، يقول الله تعالى لما يلقي أولئك في النار: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} [المؤمنون:١٠٩ - ١١١].

ومن هنا لا يجوز لمسلم أن يتأثر بمثل هذه الدعايات التي تكال اليوم لكثير من المسلمين، والذين أصبحوا غرباء، ويكفيهم أنهم غرباء، وطوبى للغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس.