للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مقدار يوم القيامة]

السؤال

سمعت من أحد الناس بأن طول يوم القيامة خمسون ألف سنة، فهل هذا صحيح أم لا، وجزاكم الله خيراً؟

الجواب

كيف يا أخي سمعت من الناس؟! نحن سمعنا من القرآن من الله سبحانه وتعالى: {في يوم كان مقداره أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [السجدة:٥] وغيرها من الآيات، لكن الخلاف: هل الطول في الزمن، أو الطول في الشدة؟ فإذا كان الطول في الزمن؛ فعلى ذلك ستكون ساعات هذا اليوم طويلة، ولكن والله أعلم أن المراد بالطول طول الشدة؛ لأن اليوم الشديد يصبح طويلاً، ولذلك سماه الله تعالى في القرآن: {يَوْمًا ثَقِيلًا} [الإنسان:٢٧]، {يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [الإنسان:٧]، {يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا} [الإنسان:١٠]، كل هذه الأوصاف في وصف هذا اليوم، ولذلك الله تعالى ما قال: وإن يوماً عند ربك ألف سنة، بل قال: {كَأَلْفِ سَنَةٍ} [الحج:٤٧]، ولعل المراد هنا بالطول والله أعلم طول الشدة؛ لأنكم تلاحظون في الدنيا اليوم الذي تكونون فيه متمتعين تشعرون فيه بقصر هذا اليوم، واليوم الذي تكونون فيه في تعب ومشقة أو مرض يشعر الإنسان بطول هذا اليوم.

فلعل المراد -والله أعلم- بالطول الطول المعنوي لا الحسي، ولذلك أخبر الله أن المؤمنين هذا اليوم لا يساوي عندهم إلا ساعات قصيرة، مثلما يقيلون في بيوتهم، ففي نصف النهار من أيام الدنيا يكونون قد وصلوا إلى منازلهم، ولذلك يقول الله تعالى عن المؤمنين: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً} [الفرقان:٢٤]، ومعنى (مقيلاً): وقت القيلولة، وليس في الآخرة قيلولة، ولا في الجنة قيلولة، لكن مع ذلك معنى القيلولة: النوم وسط النهار، وليس هناك أيضاً نوم في الجنة؛ لأن متاع الجنة لا ينتهي أبداً، ولا ينقطع بنوم ولا بأي شيء آخر، لكن مع ذلك فهم -أي: أهل الجنة- في أقل من نصف النهار يصلون إلى منازلهم.