أما بالنسبة لعلاقة العربي بالعربي فإنها على شقين: علاقة العربي بقبيلته، فيرى كل ما تفعله قبيلته حسناً، فعلاقته بها مبنية على الحمية الجاهلية وعنصريتها، وحالهم فيها كما قال الشاعر: لا يسألون أخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال برهانا ولكنها بالنسبة للقبيلة الأخرى كانت أيضاً علاقة سيئة، ونحن نقرأ في التاريخ الجاهلي تلك الحروب الدامية التي خاضها العرب مع بعضهم في سبيل أشياء تافهة؛ لأنهم فقدوا الوازع، وفقدوا الضمير، وفقدوا الإنسانية، فأصبحوا أقل مستوى من الحيوان، فمثلاً: نجد أن حرب البسوس التي دامت ما يقرب من أربعين عاماً تطحن في العرب كان سببها تافهاً، وهكذا كانت كثير من الحروب التي كادت أن تكمل العرب، لولا أن الله تعالى تداركهم بالإسلام فأنزل هذا القرآن لينقذهم مما كانوا عليه، ولذلك فإن الله يأمرنا بشكر نعمته فيقول:{وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[آل عمران:١٠٣]، وعلى هذا فإننا نعتبر الإسلام نعمة كبرى من الله تعالى، لا على المسلمين فحسب؛ ولكن على العالم أجمع، فقد أخرجهم به من الظلمات إلى النور.