هل من كلمة للنساء اللاتي يكرهن أن يتزوج الزوج بزوجة ثانية، علماً أن المجتمع فيه كثير من العوانس والمطلقات، بل إن بعض النساء تقول: إذا أردت الزواج فطلقني، وبعضهن من الملتزمات، بل وبعضهن قد تتلفظ بألفاظ قد تخرجها من الإسلام، حينما تقول: أن تزني أحب ألي من أن تتزوج مرة أخرى؟
الجواب
إن هذا الموضوع طويل، ويحتاج إلى درس طويل، ويكفي أن الله عز وجل هو الذي أباح التعدد قال تعالى:{فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ}[النساء:٣]، ومن كره أمراً من أوامر الله فعليه خطر من الردة عن الإسلام، ولذلك بعض الناس الآن ينكرون التعدد نعوذ بالله، فهؤلاء مرتدون بلا خلاف بين علماء المسلمين.
أما المرأة فبطبيعتها الفطرية لا تلام، لأنها ترغب بأن تستقل برجل منفرد دون أن تشاركها امرأة أخرى، هذه فطرة لا تلام المرأة عليها في الأصل، لكنها عليها أن تنظر إلى وضع المجتمع، وأن الله سبحانه وتعالى أباح التعدد لمصلحة وحكمة.
ثم لا تكون هي أنانية بحيث تشعر بحاجتها ورغبتها ومصلحتها، ولا تفكر في حاجة النساء الأخريات، الله تعالى الذي أباح التعدد إلى أربع نساء هو الذي خلق البشر ويعلم عددهم، ويعلم ما سيحدث في المستقبل، لو نظرنا عدد النساء بالنسبة لعدد الرجال، لوجدنا أن عدد النساء في كثير من بلاد العالم يساوي أضعاف عدد الرجال، والرجال يتعرضون لفتن وحروب ومصائب، كما أن النساء تتعرض لأمراض تعطلهن عن الاستفادة منهن، وعن التمتع، والتمتع مقصود بين الرجل والمرأة.
وعلى هذا فإننا نقول: على المرأة المسلمة إذا فكر زوجها بالزواج أن تحتسب الأجر من الله تعالى، وألا تمانع في هذا الأمر لأسباب أهمها أن هذا الزوج ما أقدم على هذا الأمر إلا من حاجة، ولربما تمنعه فينظر نظرات محرمة، وربما يفعل فعلات محرمة، ولربما يؤدي إلى طلاقها هي حينما لا ترتاح لتزوجه عليها؛ فيؤدي إلى هدم الأسرة وضياع الأولاد، وخير لها أن تعيش مع ربع زوج، أو ثلث زوج أو نصف زوج، من أن تعيش بدون زوج.
ولذلك فإن من حكمة الله عز وجل أنه ذكر التعدد قبل أن يذكر الإفراد، حتى إن بعض العلماء يرى أن التعدد سنة وليس برخصة؛ لأن الله تعالى ذكره قبل الإفراد، فقال:{فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ}[النساء:٣]، ثم لم يذكر الله عز وجل الإفراد إلا في حال الخوف، والقاعدة الشرعية تقول:(كل شيء ينهى عنه في حال الخوف فضده أولى في حال الأمن) أي: عدم الخوف، ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم اختار التعدد، بل كل المرسلين عليهم الصلاة والسلام اختار الله عز وجل لهم التعدد، بل إن الله سبحانه وتعالى أباح شيئاً من الميل من الزوج لإحدى زوجاته مقابل التعدد، فقال:{وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ}[النساء:١٢٩].
إذاً: بعض الميل مباح، مع أن الميل بطبيعته محرم مع الزوجات، لكن لما كانت المصلحة تفرض التعدد، والميل يفرض نفسه في بعض الأحيان؛ أباح الله تعالى شيئاً من الميل.
على كلٍ: من أنكر التعدد فهو كافر مرتد، ومن كره التعدد فهو على خطر، والمرأة معذورة أن تكره التعدد بفطرتها، لكن عليها أن تتقي الله عز وجل ولتحبه باعتباره تشريعاً من تشريعات الله سبحانه وتعالى.