الحق لابد من أن يظهر وإن اختفى مدة من الزمن، فقد بقي يوسف عليه الصلاة والسلام في السجن بضع سنين، وأصبح الناس في أرجاء مصر يتحدثون بأن يوسف يهوى امرأة العزيز، وأصبح يوسف عليه الصلاة والسلام مشوه السمعة، ولم يُقَلْ عنه: إنه سجن لأنه رفض الفاحشة خوفاً من الله عز وجل.
وبقيت سمعته ملطخة مدة من الزمن إلى أن أظهر الله عز وجل الحق، فالحق لابد أن يظهر وإن غطاه ما غطاه من ظلام الليل، ولذلك اعترفت امرأة العزيز بالحقيقة وقالت:{الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ}[يوسف:٥١ - ٥٢] فاعترف المجرم بجريمته وأثبت نزاهة المتهم الذي ما كان موضعاً للتهمة في يوم من الأيام، وهذه سنة من سنن الله في خلقه، فعلى المؤمن أن يتحمل ويصبر على ما يلاقيه من أذى وفتن وتهم في سبيل دينه دعوته، حتى يأتي ذلك اليوم الذي يظهر الله عز وجل فيه براءته على الملأ أجمعين، قال تعالى:{فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}[المائدة:٥٢].