نعود إلى موضوعنا أيها الإخوة! نقول: لابد أن تتضافر الجهود كلها في تزويج العزاب، وأعرف أن هناك مشاكل، ومن هذه المشاكل أن كثيراً من الرجال حينما يتقدم إليهم كفء يخطب ابنته قد لا يخبرها، وعدم إخباره إياها يعتبر خيانة لها إذا كان هذا الرجل كفئاً، أما إذا كان غير كفء فله الحق في ذلك، ولربما يقول بعضهم: لا أريد أن تخطب الصغرى وتبقى الكبرى، وهذا أيضاً ظلم للصغرى؛ لأن الله تعالى قد أعطى كل واحدة وكل واحد من هؤلاء الناس نصيباً في هذه الحياة، فحينما يتقدم فلان من الناس يريد فلانة وهو كفء لها وهي كفء له، فزوجها إياه، والذين أرادوا أن يبدءوا بالكبرى دائماً قبل الصغرى هم الذين بقيت بناتهم عوانس في بيوتهم؛ لأن الصغرى لحقت بالكبرى، ولحق بها من هو أصغر منها، حتى أصبح البيت مستودعاً لفتيات مظلومات يشتكين من العزوبة، ويردن عشاً صالحاً طاهراً، ويردن أن يتمتعن بالأطفال الذين هم ألذ وأشهى شيء في هذه الحياة خصوصاً بالنسبة للمرأة.
كما ألفت الأنظار أيضاً إلى عدم الإسراف في الموائد، أنا من خلال دخولي القليل لقصور الأفراح أرى إسرافاً في الموائد وبذخاً، وهذا لا شك أنه على حساب الزوج والزوجة، وليس على حساب الأب، ولذلك الأب لا يبالي أن يذبح مائة من الخراف أو عشرين أو أقل أو أكثر ما دام أن ذلك ليس من ماله، وقد أشرت لكم إلى أن المال ليس له، وإنما المال للبنت، حتى وليمة الزواج لا يجوز له أن يزيد فيها عن المعقول إلا بإذنها هي؛ لأن المال مالها وليس مال الولي.
أيها الإخوان! أبواب الزكاة ومصارف الزكاة ثمانية، وأظن أن أولاها في أيامنا الحاضرة هو مساعدة العزاب الذين يرغبون في الزواج؛ لأن أكثر الأبواب والحمد لله قد استغني عن كثير منها، فمثلاً الفقراء -والحمد لله- قلوا في بلادنا، والله! إن كثيراً من الفقراء في بلادنا لاسيما في المدن وفي مناطق معينة يملك قصراً أضخم من قصر رئيس دولة في بعض البلاد الإسلامية، وعنده من الأطعمة والخير الشيء الكثير، ولا أقول: إنه لا يوجد فقراء، وإن كنت أطالب إخواننا الأغنياء أن ينزلوا إلى أسافل الجبال ليجدوا هناك الفقراء، لكني أقول: إن الفقر نسبياً قد قل في بلادنا والحمد لله، وعدم في كثير من الأحيان، وأصبحت أكبر مشكلة أمام الناس هي موضوع تزويج هؤلاء العزاب.
ومن تسبب في زواج شاب صالح بامرأة صالحة له أجر عند الله عز وجل بمقدار ما يتمتع أحدهما بالآخر مدى الحياة وبمقدار ما ينجبون من الأولاد الصالحين الذين يكونون سبباً في عمارة هذه الحياة عمارة صالحة.
أدعو أصحاب الخير والثراء والجمعيات الخيرية التي تصل إليها أموالاً كثيرة والحمد لله من المحسنين أن يضعوا بنداً لمساعدة هؤلاء العزاب الذين هم بحاجة إلى الزواج؛ حتى يحفظوا أنفسهم وكرامتهم وطهارتهم، وقد نفذته كثير من الجمعيات الخيرية في بعض مناطق المملكة فرأينا خيراً كثيراً بسبب تبني هذا المشروع العظيم.