مجالسة الفسقة والعصاة أمر خطير جداً؛ فإن الله تعالى يقول:{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}[الأنعام:٦٨]، ويقول:{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ}[النساء:١٤٠]، وكم يسخر أعداء الإسلام من هذا الدين، ويضحكون من المتدينين، وكم يتفكه كثير من أصحاب المجالس -وإن كانوا من المنسوبين إلى الإسلام- بالدين والمتدينين، حتى إذا ذهب أحدهم إلى أهله انقلبوا فكهين! فيضحك مع زوجته قائلاً: والله! ابن فلان من الناس كأنه مصاب بعقله، أراه قد قصر ثوبه، وأرخى لحيته! كذا يسخر من دين الله عز وجل، وربما يقول: فلان أصيب بالوسواس.
حتى ربما يسخر من ولده حينما هدى الله سبحانه وتعالى أبناء المسلمين إلى الفطرة في أيامنا الحاضرة، وهذا هو معنى قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ}[المطففين:٢٩ - ٣٣]، ولكن هذه السخرية وهذا الضحك تنقلب رأساً على عقب في يوم القيامة:{فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ}[المطففين:٣٤ - ٣٥]، فيطلعون عليهم وهم في نار جهنم، ويأتي دور المؤمنين في الضحك، فيضحكون منهم.
أيها الإخوة! إنّ من البلاء مخالطةَ الظلمة ومجالستهم، والاطمئنان والركونَ إليهم، والله تعالى يقول:{وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ}[هود:١١٣]، ولذلك فإن المسلم مطالب ألاّ يركن إلى الكافرين، أي: لا يتخذ ركناً يعتمد عليه بعد الله إلا في المؤمنين {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ}[المائدة:٥٥]، {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ}[التحريم:٤]، ولا يركن إلى الفسقة وإن كانوا مسلمين.