للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية مواجهة المنحرفين في وسائل الإعلام]

السؤال

التلفزيون والإذاعة والصحافة جرت علينا ويلات، وظهرت فيها أصابع المكر والرذيلة، فلماذا تترك الحرية فيها للعلمانيين وكتاباتهم فيها، أما المسلمون الصالحون فلم نسمع لهم كلمة؟

الجواب

أما عن كلمة (لماذا) فالجواب بأمور: الأمر الأول: أن كثيراً من المسلمين تأخر عن العمل في هذا الميدان، ومنهم من كره العمل فيه، وحق له أن يكره بعدما تبين الرشد من الغي، ولكن أقول: لو استطعت -يا أخي- أن تقدم فكرة أو كلمة صالحة لعل الله سبحانه وتعالى أن يشل بها حركة المفسدين فإنك مطالب بذلك.

الأمر الثاني: أن هؤلاء العلمانيين سبقونا إلى هذه الأمور، فسيطروا على جزء منها أو على كثير منها، فأصبح الأمر ليس بأيدينا، ولو كان لنا الخيار ما كنا نسمح لهؤلاء أو نقبل بأن يعيثوا في هذه الأرض فساداً، ولكن نقول لهؤلاء الناس: احذروا هذه الوسائل بمقدار ما تشاهدون فيها من فتن وبلاء ومصائب، وردوا عليها، وإذا كان هؤلاء العلمانيون يسيطرون على كثير من وسائل الأعلام فعندنا منبر أعلى من هذه كلها، وهو منبر المسجد الجامع، فالحمد لله إذ المسلمون بخير الآن، ولا يتخلف عن صلاة الجمعة منهم إلا النزر القليل من الذين لا نصيب لهم في هذا الدين.

فعلينا أن نستغل هذه المنابر من أجل أن نبطل مفعول هذه الدعايات المضللة التي ترد في وسائل الأعلام، ومن أجل أن نقول كلمة الحق.

لكن لا تظن أني أدعو إلى تفجير الأمور تفجيراً، وإنما أدعو إلى الحكمة، والحكمة هي وضع الأمور في مواضعها.

وأقول: عندنا كلمة الحق، ولا يمكن أن نسكت أبداً، فإذا حرمنا من الصحافة أو حرمنا من الإذاعة أو من التلفاز فإننا نكون على الأقل قد استفدنا فائدة وهي أننا نزهنا كلام الله أن نضعه بجوار الأغاني والمسرحيات، وعندنا المنبر الذي يجب أن نقول من خلاله كلمة الحق، وأن نقول للناس: هذا حق وهذا باطل.

وعندنا مراسلة المسئولين وكبار المسئولين في الدولة أو زيارتهم إن أمكن، ونقول لهم: اتقوا الله.

ونقول لهم بلسان المقال: {يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا} [غافر:٢٩]، فإن قبلوا هذه الكلمة فهم في خير، وإن ردوا هذه الكلمة وقالوا: السجون السجون -كما يحدث في بعض الأحيان- فنقول: إن الله عز وجل يقول: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ} [البقرة:٢٠٦].

ولكن -يا أخي- إذا كنت تخاف من السجون ولا تخاف من الأذى في ذات الله فاعلم أن خير خلق الله عاشوا مدة من الزمن في السجون، فيوسف عليه الصلاة والسلام لبث في السجن بضع سنين، وموسى يقول له عدو الله: {لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} [الشعراء:٢٩]، ونحن لا نتمنى لقاء العدو، ولا نرغب في الإهانة، لكن نرحب بها إذا كانت في ذات الله، وإذا لم يكن لنا سبيل إلا هذه العقبة التي تقف بيننا وبين كلمة الحق فنحن نرحب بها ولا نخاف منها أبداً، ونعتبرها خلوة مع الله عز وجل، حتى يفتح الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين.