كان أهل الجاهلية يغيرون على قوم فيبيدونهم عن آخرهم بسبب ذنب رجل واحد، وكذلك اليوم لا تسل عما يحدث، أمم تباد بسبب أخطاء أفراد، ويؤخذ الكثير بجريرة رجل واحد.
أما في دين الله عز وجل فإن كل امرئ بما كسب رهين في الدنيا والآخرة، فلا يؤخذ أحد بذنب غيره، ولذلك لما قال إخوة يوسف ليوسف عليه الصلاة والسلام:{فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ}[يوسف:٧٨ - ٧٩] مع أنهم عرضوا عليه أن يأخذ أحدهم ليكون بدلاً عن الذي وجدوا المتاع عنده وهو أخو يوسف، لكنه سبحانه وتعالى يريد أن يصدر تشريعاً عاماً إلى يوم القيامة، فقال حكاية عن لسان يوسف عليه الصلاة والسلام:{مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ}[يوسف:٧٩] فالذي يأخذ غير المذنب يعتبر ظالماً لنفسه وظالماً للأمة.
فلا يؤخذ الابن بذنب الأب، ولا يؤخذ الأب بذنب الابن، فـ الحجاج بن يوسف وهو أشد رجل عرفه تاريخ الإسلام قساوة، كان قد أصدر ذات يوم قراراً بأنه إذا فقد الرجل فسوف يأخذ كل أهله وذويه حتى يجد ذلك الرجل، فقالوا له: لكن الله تعالى يقول: {مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ}[يوسف:٧٩] فقال: كذب الحجاج وصدق الله.