[قوله تعالى:(ولله ملك السماوات والأرض وإلى الله المصير)]
بعد ذلك الله تعالى يقول:{وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}[النور:٤٢]، وهذه آية من آيات الله، وقدرة من قدراته سبحانه وتعالى، أن الله له ملك السماوات والأرض، ليس معنى ذلك أن هناك شيئاً مملوكاً لمخلوق لا يرجع ملكه إلى الله عز وجل.
العلمانيون يقولون:(ما لله لله وما لقيصر لقيصر) الله له المسجد، أما سائر الحياة فهي للإنسان يتصرف فيها كيف يشاء، أنظمة الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والحكم غير ذلك هذه ليست لله، فالله يعبد في المسجد، فمن أراد أن يعبد الله فليذهب إلى المسجد، وهذه خلاصة مذهب هؤلاء الفجرة الكفرة، والحقيقة أن الله تعالى يقول:{لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}[النور:٤١]، فليس هناك شيء لغير الله، وليس هناك شيء لقيصر، فكل شيء لله؛ لأن الله تعالى له ما في السماوات وما في الأرض، وعلى هذا نعرف أن حكم الله عز وجل نافذ على كل المخلوقات في السماوات والأرض، ونافذ أمره في كل أمر من أمور هؤلاء الخلق، سواء أكان في أمور العبادات أم في أمور الحياة الدنيا.
وهذا أيضاً دليل على قدرة الله، فمن يستطيع أن يجمع هذه الخلائق يوم القيامة؟ من يستطيع أن يجمع هذه الأجزاء التي امتصها التراب فأصبحت تراباً وعادت تراباً؟ الله سبحانه وتعالى هو الذي يستطيع أن يجمع ذلك، ولذلك الله تعالى رد في آخر سورة (يس) على الملحد الذي جاء ذات يوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفت عظماً بالياً في وجه محمد صلى الله عليه وسلم وقال: يا محمد! أتزعم أن الله يبعث هذا يوم القيامة قال: (نعم يميتك ثم يبعثك ويحشرك إلى النار) فأنزل الله أدلة على أن الله تعالى يجمع هذه الأجزاء وإن كانت عظاماً بالية، قال تعالى:{أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنْ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ}[يس:٧٧ - ٨٠] شجر أخضر تضعه في النار فيلتهب ناراً، من حول الرطوبة إلى حرارة والبرودة إلى حرارة؟ الذي يبعث الأجسام يوم القيامة هو الذي يعيد إليها الرطوبة والحرارة مرة أخرى.