للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قوله تعالى: (لا خير في كثير من نجواهم)]

ثم تحدث الله عز وجل عن كشف مؤامرة، كان المنافقون يجلسون بالليل حتى دبروا مؤامرة قصة أبي طعيمة، فالله تعالى مطلع على جلساتهم في الظلام؛ لأن الله تعالى يرى ما تحت الظلام فقال سبحانه وتعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ} [النساء:١١٤].

المناجاة التي كانوا يتناجونها في السر ليدبروا المؤامرة ضد اليهودي وليلصقوا المشقة والعنت برسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه النجوى أمرها خطير، فالنجوى -وهي الكلام السري الخفي- لا تجوز إلا في ثلاثة أشياء: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ)، أن يحث الناس على البذل في سبيل الله وعلى الإحسان إلى الفقراء والمساكين وما أكثرهم اليوم! أو يأمر بالمعروف إذا رأى الناس عطلوا واجباً من واجبات هذا الدين، أو يصلح بين اثنين بينهما خلاف وشقاق، وخلافهما وشقاقهما يؤدي إلى ضياع دينهما (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا).

ثم تعود الآيات مرة أخرى إلى ابن أبيرق الذي انتهت حياته بالردة، وسقط عليه جدار في مكة وهو ينقبه ليسرق مرة أخرى، فيموت مرتداً عقوبة على ما فعل في المدينة؛ لأن الله عز وجل يقول: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:١٤]، {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف:٥]، فالمعاصي يجر بعضها بعضاً، فانتهت المعصية وإلصاق التهمة ببريء إلى الردة عن الإسلام، ثم الموت وهو مرتد، وصار حطباً لجهنم.