الإعلام، وما أدراك ما الإعلام! وإذا قلنا: الإعلام فالمراد به المسموع والمقروء والمرئي، وكلها في أيامنا الحاضرة تكالبت على المرأة، وأعطت كل جانب من جوانب الدين نصيبه من الهدم والتخريب، لكن أعطت المرأة الجانب الأكبر، ولذلك فإن الإعلام قد فسد في كل بلاد المسلمين -ولعله يكون في جلها-، هذا الإعلام الذي أصبح الآن يواكب التطور العلمي، واستطاع أن يشبك الدنيا كلها في شبكة واحدة، فلا يحدث شيء في الغرب إلا ويصل إلى الشرق ماراً بالوسط، ولا شيء في الشرق إلا ويصل إلى الغرب ماراً بالوسط -نحن-، هذا الإعلام الذي يظهر تلك المجلات التي تبدأ من صورة الغلاف، وهي تعرض زياً للمرأة منحرفاً كله فسق ومعصية، بعد اختيار أجمل فتاة متفسخة في جزء من لباسها قد أخرجت كل مفاتنها، فإذا بكثير من النساء اللاتي ضعفت شخصيتهن أمام هذا الغزو الفكري إذا بهن يتأثرن بهذا المنظر، ثم ما بعد هذا الغلاف إلى غلاف آخر كله -إلا ما شاء الله- في كثير من الصحف هدم للأخلاق والفضائل، سواء في ذلك الشباب والشابات.
نرجع مرة أخرى إلى الإذاعة والأغاني التي كلها تكسر وتخنث وانحراف، إلى التلفاز الذي يعتبر أكبر فتنة حلت بالأمة في أيامنا الحاضرة، وما تركت بيت شعر ولا مدر إلا دخلته إلا ما شاء الله، إلى غير ذلك.
ونقول: من هو المسئول عن هذه الأشياء؟ المسئول هو الدولة، فهي مسئولة بين يدي الله عز وجل عما يحدث، لاسيما وأن أكثر ما يحدث تحت أعين بعض المسئولين، وهم العقلاء من هذه الأمة، فالعقلاء إذا لم يستيقظوا وينتبهوا لهذا الخطر، ويقف كل واحد على الأقل على باب بيته شاهراً سلاحه فلا تتسرب إليه هذه الأزياء فهو مطالب أن ينكر المنكر في كل مكان من الأرض؛ لأن الله تعالى يقول:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}[آل عمران:١١٠]، وكل واحد منا مسئول على قدر استطاعته وإمكانيته، مسلسلات كلها عشق وغرام تعلم المرأة كيف تخون الزوج، كيف تتصل بالصديق، كيف تغازل، كيف تنظر، كيف تتصرف، وأقل ما تفعله هذه المسلسلات أن تعرض لنا مجتمعاً من المجتمعات الغربية زي المرأة فيه زي سافر خطير، لا يستر إلا جزءاً من بدنها، ولربما يشوهون التاريخ الإسلامي، فكثيراً ما نسمع عن مسلسلات يعرضون فيها سير بعض الصالحين ومعه زوجته سافرة، وكأنهم يشوهون تاريخ الإسلام، ويقولون: المرأة مع الرجل يسيران جنباً إلى جنب.
وربما يعرضون صورة عمر بن عبد العزيز الرجل الصالح أو فلان من الصالحين أو من السلف أو من الذين جاءوا بعدهم ومعه زوجته، من قال: إن المرأة كانت تختلط بالرجل في الإسلام؟! ما حدث هذا إلا في الجاهلية، سواء أكان في الجاهلية الأولى أم المعاصرة.
إذاً عرض السفور والاختلاط والمسلسلات هذا كله من الإعلام المنحرف الذي يسبب خطراً على المرأة، بل هو من أكبر الأخطار؛ لأن كثرة المساس -كما يقال- تذهب الإحساس، ولذلك النساء اللاتي صرن يتابعن هذه المسلسلات أعتقد أن كثيراً منهن قل فيهن الحياء، والتي لم يقل فيها الحياء من المؤكد أنها أصيبت بفتنة، أصبحت المرأة تقرأ فتصل المجلات إليها في قعر بيتها، وهذه المجلات من العجيب أنها تتحدى كل الحواجز السياسية والجغرافية، وتصل إلى بيوت المسلمين، ولا ندري أين ذهبت هذه الرقابة! وأول من يتجرع كأس هذا الإعلام الذي قد انحرف في أيامنا الحاضرة هي المرأة؛ لأنها غالباً ما تكون داخل بيتها، وغالباً المرأة لديها من الشخصية ما هو أضعف من الرجل، بحيث تتقبل كل ما يعرض أمامها، ولديها من العواطف ما تصدق به كل ما يعرض أمامها، فتعتبره من الإسلام إذا كان يخالف الإسلام، وهكذا.
إذاً هذا الإعلام يعتبر من أخطر الأمور التي غزيت بها المرأة، ووصل إلى قعر البيت، فأصبحت المرأة تشاهده وهي في خدر بيتها.