للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قوله تعالى: (وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين)]

ما سبق ذكره هو الواقع، فأكبر دولة تتبنى الآن حقوق الإنسان وترى أن قتل الإنسان وحشية هي أمريكا كما نعرف، وأمريكا قتلت في ساعة واحدة ثمانين ألفاً في قنبلة ذرية ألقتها في اليابان، قال تعالى: {وَإِنْ يَكُنْ لَهُمْ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} [النور:٤٩] إنسان يريد أن يحكم وأن يثبت عرشه الذي يهتز من تحته يمكن أن يجعل أودية من الدماء تسيل، كما كان هتلر يقول: سأسلم الأرض لله فارغة كما خلقها فارغة.

هذه كانت من مقالاته، يقول: لا أسلم الأرض لله إلا وهي فارغة من بني آدم.

لأنه يريد أن يحكم، وهذه طبيعة البشر، لكن قتل واحد مجرم يرون أنه جريمة وفاحشة وشنيعة.

ومع الأسف فهناك دولة إسلامية عربية كان من قوانينها: (تجنب الحدود البشعة) بهذا اللفظ، وهذا هو القانون السائد الآن، فقتل الإنسان عندهم جريمة، وإذا كان قد أجرم في نظرهم فقتله في نظرهم جريمة، لكن إذا أرادوا أن يحكموا أرضاً من أرض الله بقوة الحديد والنار والطغيان فيمكن أن تسيل الأرض دماءً ولا يبالون، ويمكن أن يقتلوا آلاف البشر ولا يبالون، في سبيل أن تثبت هذه العروش التي تهتز من تحتهم.

فذلك هو معنى قوله تعالى: {وَإِنْ يَكُنْ لَهُمْ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} [النور:٤٩] يعني: الذين يرفضون حكم الله إذا كان لمصلحتهم ورأوا أن الحق لهم وأنه يخدم مصالحهم يأتون إلى حكم الله مذعنين.

فالذين يرون أن قطع يد السارق وحشية، وقتل القاتل وحشية يأتون إلى القتل مذعنين حينما يريدون أن يثبتوا ملكهم في هذه الأرض، وهذه قاعدة مطردة لا تتخلف دائماً وأبداً، ولذلك الله تعالى يقول: {وَإِنْ يَكُنْ لَهُمْ الْحَقُّ} [النور:٤٩] أي: في قتل هذا الإنسان أو في حكم الله {يَأْتُوا إِلَيْهِ} [النور:٤٩] يعني: إلى حكم الله (مذعنين) أي: منقادين لمصالحهم الخاصة، ما هو السر في ذلك؟ السر أحد ثلاثة أشياء: قال تعالى: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمْ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ} [النور:٥٠] (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) نفاق (أَمْ ارْتَابُوا) عندهم شك في الله وفي حكم الله، كل هذا لا شك أنه موجود فيهم (أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) وهو موجود، فهم -أيضاً- يخافون أن يحيف الله عليهم؛ لأنهم ما يؤمنون بالله سبحانه وتعالى، وإن آمنوا بالله فإيمانهم ضعيف، فهم يظنون في أنفسهم أن الله يحيف عليهم حينما يأخذ الحق من هذا لهذا، وحينما يُقتل هذا، وحينما يأمر بقطع يد هذا، أو حينما يأمر بسجن هذا، يعتبرونه حيفاً من الله عز وجل، فهذه أحد أمور ثلاثة، وكلها موجودة فيهم.

و

الجواب

( بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) فالذي حدث أنهم ظالمون لأنفسهم وللشعوب وللأمم، ولذلك أعرضوا عن شرع الله عز وجل بسبب ظلمهم.

إذاً ما هو موقف المؤمن أمام شرع الله وإذا دعي إلى شرع الله؟ يقول: سمعت وأطعت، يجب على كل أحد من المسلمين إذا قيل له: تذهب إلى شرع الله، إلى المحكمة، إلى القاضي الشرعي أن يقول: سمعنا وأطعنا.

فهذا هو موقف المؤمن في مثل هذه الحالة.