إنّ الاستقامة هي الثبات، والثبات: هو لزوم الطريق، وأهم شيء في لزوم هذا الطريق: الدعوة إلى الله عز وجل، فمن لم يقم بهذا الواجب فما استقام على هذا الطريق؛ ولذا يندر أن تذكر الاستقامة في القرآن إلا وتذكر معها الدعوة إلى الله تعالى، كما قال تعالى في سورة الشورى:{فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ}[الشورى:١٥]، فقدم الدعوة على الاستقامة، وهنا قال:{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}[هود:١١٢]، وقال في آخرها:{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}[هود:١١٧]، وقال سبحانه وتعالى أيضاً في سورة فصلت:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}[فصلت:٣٠]، ثم قال بعدها:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ}[فصلت:٣٤].
ومن هنا نعرف صلة الدعوة إلى الله عز وجل بالاستقامة، وأنها صلة وثيقة، وأن من فرط في الدعوة إلى الله عز وجل، وترك أمر المسلمين يلتبس عليهم، وغفل عن هذا الواجب المقدس الذي هو ميراث المرسلين عليهم الصلاة والسلام؛ فإنه ما استقام حق الاستقامة، ما دام أنّه يستطيع أن يبلغ عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يفعل.