للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاستقامة طريق النجاة من عذاب الله]

أولاً: قبل أن نبحث في معنى الاستقامة وفي الآيات التي تتحدث عن هذا الموضوع نعرف أن الأمر بالاستقامة في هذه الآيات جاء في آخر سورة هود، وسورة هود يكفي أنها هي التي شيبت رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قيل له: (يا رسول الله! شبت! قال: شيبتني هود وأخواتها) ولذلك حينما تقرءون سورة هود تجدون فيها من الوعد والوعيد، والأخذ الشديد للقوم الذين تنكبوا عن منهج الله، وعن دعوة المرسلين عليهم الصلاة والسلام.

ثم تعرج الآيات بعد ذلك للتحدث عن يوم القيامة: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود:١٠٥ - ١٠٧] إلى غير ذلك، ثم يقول تعالى بعد آيات: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [هود:١١٢].

إذاً: الاستقامة هي الطريق الذي يكفل للإنسان السعادة في الحياة الدنيا، ويسلم من عذاب الله، وهي الطريق التي توصل الإنسان إلى الدار الآخرة وهو مؤمن فيسلم من عذاب الله، ويدخل الجنة خالداً فيها كما قال الله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود:١٠٧]، الطريق هو: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [هود:١١٢]، وهذا يسميه علماء اللغة استفهاماً بيانياً وكأن سائلاً سأل: ما هو طريق الخلاص من عقوبة الدنيا والآخرة؟

الجواب

( فاستقم كما أمرت)، وهذا الخطاب وإن كان موجهاً في الأصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه في الحقيقة موجه لكل مسلم.