أيها الإخوة! إن أفضل طريق، بل إن الطريق الوحيدة التي نسلم بها من عقوبة الله عز وجل هي: أن نتناصح فيما بيننا، وأن تنشط الدعوة إلى الله عز وجل، وأن يتحمل العلماء وطلبة العلم مسئوليتهم كل في موقعه، وعلى مقدار مسئوليته، وعلى مقدار علمه بشرع الله عز وجل، وأن يقوموا لله مثنى وفرادى، وأن يقولوا للناس: اتقوا الله، فمن قبل هذه الوصية فليبشر بسعادة الدنيا والآخرة، ومن أعرض عنها أو أخذته العزة بالإثم، فحسبه جهنم، كما أخبر الله عز وجل.
إن جانب الأمر المعروف والنهي عن المنكر قد تعطل أيها الإخوة في كثير من الأحيان، وبمقدار تعطله تجرأ السفهاء على دين الله عز وجل، فلابد أن ينشط هذا الجانب، ولا يكفي أن تكون هناك هيئة تعمل بطريقة رسمية؛ لأن المسئولية ليست مسئولية رسمية، ولكنها مسئولية الجميع، وعقوبة الله عز وجل إذا نزلت في الأرض لا يتخلص منها إلا الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، كما قال عز وجل:{فَلَوْلا كَانَ مِنْ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ}[هود:١١٦]، وقال:{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنْ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}[الأعراف:١٦٥].
أيها الإخوة! إني أدعو نفسي وأدعوكم إلى أن ننشط في هذا الجانب، وأن نمنع وقوع البلاء بما نقدمه لهؤلاء الناس من نصيحة على كل المستويات، سواء كان على المستوى الرسمي أو غيره: فنقول لولاة الأمر: اتقوا الله، قال عز وجل:{لَكُمْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا}[غافر:٢٩].
ونقول للناس كافة: اتقوا الله، ونسعى قدر جهدنا واستطاعتنا لدفع هذا العذاب، وهذه الدروس قد تحل قريباً من دارنا، ولننظر ماذا فعل الله عز وجل بلبنان، وماذا فعل الله عز وجل بالعراق، وماذا حدث في الكويت، وماذا فعل قبل ذلك في بلاد الأندلس، وماذا حدث في فلسطين، وماذا حدث في كثير من بقاع العالم! والله يا إخوان إن كثيراً من الذين وقعوا في عقوبة الله من العقلاء الذين يصدقون الحديث، يقولون: كنا نتوقع ما حل بنا منذ زمن بعيد؛ لأننا كنا نمر بطريقنا إلى المسجد بخمارة أو ببيت دعارة فلا نغضب لله عز وجل، وكنا نحذر ما وقع، ولكننا لم نأخذ بأسباب دفع البلاء، فما حل بنا ليس شيئاً غريباً، ولكنها عقوبة الله عز وجل! أقول قولي هذا، ولا أعلم أن أحداً منكم أعظم مني تقصيراً أو أكثر مني ذنباً، ولكني أستغفر الله لي ولكم.