للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قوله تعالى: (ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم)]

قوله: (وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ)، الرسول صلى الله عليه وسلم ما جادل عنه، وإنما الذي جادل عنه أبناء عمه وإخوته من المنافقين من آل أبيرق الذين برءوا ساحته، فقدموا متهماً غير المتهم الحقيقي أمام الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم ربما تعجل في الحكم أو في قبول الدعوى ضد اليهودي قبل أن يتثبت في هذا الأمر.

فالله تعالى قال: (وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ)، يعني: أنت عملت ذنباً عظيماً، ومن نعمة الله عز وجل عليك أنك ما قطعت يد اليهودي، ولو قطعت يد اليهودي لأقدمت على أمر عظيم؛ لأن الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:٦]، وهنا يقول الله تعالى: {وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ} [النساء:١٠٧] أصحاب الخيانة لا تجادل ولا تدافع عنهم، وهذا موجه لأي واحد منا ربما يقع أخوه أو ابنه أو ابن عمه أو أبوه أو قريبه في جريمة أو في ذنب، ثم تأخذه الغيرة على النسب ليقوم مدافعاً عن هذا المجرم ويقول: هذا أخي! وهذا ابني! وهذا أبي! وهذا ابن عمي بريء! ويبذل قصارى جهوده في سبيل تبرئة ساحة هذا المجرم وهو مجرم، فهذا أمر عظيم جداً لاسيما أن هذا الذنب قد يلصق بإنسان بريء وحينئذ يكون الجرم مضاعفاً ومكرراً كما كاد أن يحصل في قصة ابن أبيرق.