للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المفسدون العصاة]

هناك نوع آخر فاسد وعمله فاسد، ويعرف أن عمله فاسد، ومع ذلك يضع السيئة تلو السيئة والكبيرة فوق الصغيرة والأكبر من الكبيرة فوق الكبيرة، ولربما يمرق من الدين نعوذ بالله؛ لأن الله تعالى يقول: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:١٤] فتراه يترك الواجبات ويرتكب كل المحرمات وهو يعرف ذلك، هذا ضرب الله عز وجل له مثلاً آخر غير مثل الرجل الأول، قال عز وجل: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ} [النور:٤٠]، فلو أن واحداً منا غاص في بحر عميق كثير الماء عظيم اللجة، وكان البحر مضطرباً بالأمواج، وكان فوق هذه الأمواج أمواج أُخر، وكان فوق الأمواج الثانية سحاب وهو في قعر البحر فإنه يصبح وكأنه في أشد ما يكون من الظلام، بحيث لو رفع يده وهي أقرب أعضائه إليه لينظر إليها لم يرها، هذا هو المشبه به، والمشبه هو صاحب الكبائر الذي ركب كل الذنوب -نعوذ بالله- وأدبر عن الله عز وجل، وترك الواجبات وفعل المحرمات، إذا قدم على الله عز وجل لا يجد إلا ظلاماً في ظلام، إلا أن يعود إلى ربه قبل أن تعاجله المنية.