للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم التفسير بالإعجاز العلمي والتفسير بالكمبيوتر]

السؤال

ما حكم التفسير بطريقة الإعجاز العلمي للقرآن، مثال ذلك: الحكم على نظريات جديدة بإشارة آيات من القرآن لها، ثم تأتي نظرية أخرى فيشار لها بنفس الآية؟ وما حكم استعمال الكمبيوتر في تفسير آيات الكتاب العزيز؟

الجواب

بالنسبة للسؤال الأول: فالحقيقة أن هذا وضع خطير لجأ إليه طائفة من المفسرين العقليين وباعتقادي أن مصطفى محمود من هذا النوع، والحقيقة أن هذا إقحام للقرآن الكريم في أشياء لا تهمنا ولا تهم المجتمع، وهل جميع النظريات العلمية التي يقولها العلماء نحن مسئولون بأن نؤيدها بالقرآن؟! إن هذا باب خطير لربما نؤيد هذه القضية العلمية، ثم يأتي العلم -وهو غير ثابت على حقيقة واحدة- لينقض هذه النظرية في يوم من الأيام، وحينئذٍ نكون قد عرّضنا كتاب الله لأن يصبح ألعوبة، ويكذب به المكذبون.

القرآن فوق مستوى هذه النظريات العلمية، القرآن جاء لتربية المرء المسلم، وما علينا إلا أن نسكت عن هذه النظريات، فإذا تعارضت مع القرآن الكريم تعارضاً واحداً فإن علينا أن نضرب بها عرض الحائط، أما إذا لم يظهر لنا التعارض بينها وبين القرآن الكريم فإن علينا أن نرجئها حتى تتعارض وحينئذ فإن علينا أن نرفضها.

أما أن نفسر هذه النظريات العلمية بآيات من كتاب الله عز وجل، فإن كتاب الله فوق هذا المستوى، وكأن الذين يريدون أن يعملوا هذا العمل كما يقول سيد قطب رحمه الله: يريدون أن يلتقوا مع الجاهلية في منتصف الطريق، يقولون: ندنوا قريباً إليكم، وتدنون منا قريباً، وحينئذ نلتقي معهم في منتصف الطريق.

ولربما يؤدي بنا هذا إلى أن نتنازل عن شيء من ديننا، أو أن نفسر كتاب الله على غير حقيقته!! وضربت لكم مثلاً بـ مصطفى محمود، وأنا لست من الراضين عنه، فأنا أخالف هؤلاء الذين يقولون: إن مصطفى محمود قد رجع عن إلحاده، ولكني أقول: إنه قد لجأ إلى نوع من الإلحاد، وضرب الإسلام بطريقة أخرى غير الطريقة التي كان يسلكها قبل ذلك.

أما بالنسبة إلى تفسير القرآن بالكمبيوتر: فنحن لسنا بحاجة إليه، والعلماء الأولون قد خدموا كتاب الله عز وجل خدمة كافية، وما علينا إلا أن نقرأ ما كتبوه، وحينئذٍ سنجد فيه ما يكفي ويشفي، وإذا كان هناك أشياء فسرها لنا العلم الحديث ولم يفسرها لنا العلماء القدامى الذين لم يدركوا هذا التطور الصناعي الجديد، ولكن العلم الحديث قد فسر لنا هذه الآية تفسيراً جديداً، ولكنه لا يخرج بالقرآن عن إطاره؛ فإننا نقبل ذلك.

وعلى سبيل المثال: قول الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} [الحديد:٢٥]، في بعض الكتب القديمة أنه قد أنزلت المطرقة والمنشار وما أشبه ذلك من السماء، ولكن بعد أن رأينا هذه العجائب من هذا العلم الحديث عرفنا معنى قول الله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ)، وليس معنى ذلك أن القرآن أصبح خاضعاً لهذه النظريات العلمية، ولكن هذه النظريات أصبحت مفسرة للقرآن لا مؤيدة له.