العنصر الثالث من مقومات الاستقامة قوله تعالى:{وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ}[هود:١١٤]: الصلاة أفضل العبادات، ليس هناك عبادة شرعت فوق السماء إلا الصلاة، وسائر تشريعات الإسلام كلها نزل بها الروح الأمين على محمد صلى الله عليه وسلم إلى الأرض، إلا الصلاة لما أراد الله تعالى أن يفرضها صعد بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فوق السماء؛ ولذلك فإن تركها ردة، ولا يحافظ عليها إلا مؤمن، ولا يتخلف عنها في المسجد غالباً إلا منافق معلوم النفاق، يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:(ولقد كان يؤتى بالرجل يهادى بين الرجلين -لأنه لا يستطيع المشي- حتى يقام في الصف).
ولذلك فإن الصلاة أعظم شريعة، ولا يرتد المسلم بترك عبادة من العبادات إلا الصلاة.
قوله تعالى:(وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ) صلاة الفجر وصلاة الظهر والعصر، (وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ) المغرب والعشاء (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) يعني: هذه الصلوات تكفر الذنوب التي تفعل فيما بينها إذا كانت من الصغائر، أما إذا كانت من الكبائر فإنها تحتاج إلى توبة خاصة.
ولذلك فإن سبب نزول هذه الآية:{وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ}، أنه جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:(يا رسول الله! إني قبلت امرأة، فقال له: اجلس، فجلس الرجل، وأنزل الله تعالى هذه الآية:{وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[هود:١١٤] قال: يا رسول الله! ألي خاصة أم لجميع الأمة، قال: بل لجميع أمتي) فالصغائر تكفرها الصلوات الخمس.
لذلك فالصلاة أمرها عظيم، وقد شبهها الرسول صلى الله عليه وسلم بنهر غمر جار في باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ لا يبقى من درنه شيء الصلاة تطهر المجتمع من الفساد، قال تعالى:{إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}[العنكبوت:٤٥].