أهمية التمسك بدين الله عز وجل منهجاً وسلوكاً وعبادة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، والحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً، قيماً لينذر بأساً شديداً من لدنه، ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراًَ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً، ونشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، الذي أرسله الله عز وجل رحمة للعالمين وحجة على الناس أجمعين، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، اللهم! صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك ونبيك محمد، وارض -اللهم- عن آله ومن دعا بدعوته وعمل بسنته ونصح لأمته وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فنشكر الله سبحانه وتعالى على نعمه وفضله وإحسانه، ونسأل الله تعالى أن يوفق العاملين لتبليغ دعوة الله عز وجل لتصل إلى قلوب الناس بعد أن تصل إلى مسامعهم، كما أسأله أن يوفقنا جميعاً لأن نكون من الذين قال الله عز وجل عنهم:{فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}[الزمر:١٧ - ١٨].
أيها الأخ الكريم! لقد كنت أفكر كثيراً في اختيار موضوع يتناسب والوضع الذي نعيشه اليوم، لاسيما أن الوضع الذي نعيشه اليوم وضع قد انفتحت فيه كثير من الثغرات، فأصبح المتحدث في أي مناسبة لا يدري ما يقول؟ ولا يدري من أين يبدأ؟ وهنا ثغرات واضحة فتحها أعداء الإسلام في أوساط المجتمعات الإسلامية، فوفقت إلى آيات تتحدث عن عشر نصائح وعشر وصايا، يسميها علماء التفسير (الوصايا العشر)، ويقول فيها عبد الله بن مسعود رضي الله:(من أراد أن ينظر إلى وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ هذه الآيات الثلاث في سورة الأنعام: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[الأنعام:١٥١ - ١٥٣]).
هذه هي الوصايا العشر التي يعنيها عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، والتي يقول عنها:(هي وصية رسول صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه).
ونحن في مجتمع إسلامي اختلط حابله بنابله، نكاد أن نفقد كثيراً من هذه الوصايا العشر في غمرة الحضارات الملفقة التي وفدت على بلاد المسلمين من الشرق والغرب، ولكننا لا نتشاءم، بل نتفاءل ونحن -والحمد لله- نرى هذه الصحوة، وهذا الشباب الذي رفض كل هذه المبادئ وأقبل على دينه، وأقبل على ربه وعلى كتاب ربه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم منهجاً وسلوكاً وعبادة، فأعداء الإسلام وإن كادت أن تفلس -أو قد أفلست- مطامعهم في بلاد الإسلام إلا أنهم لن يألوا جهداً في سبيل عرقلة مسيرة هذه الصحوة الإسلامية، وصدق الله العظيم الذي يقول:{يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}[النساء:٢٦]، ويقول:{وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً}[النساء:٢٧]، وبمقدار ما تتجه الشعوب إلى دينها وإلى ربها وإلى سنة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم تزيد هذه العراقيل في طريقها، وتتجه أنظار الطامعين وأنظار المفسدين إلى هذه البلاد، وبلادنا هذه -والحمد لله- هي البلاد الوحيدة التي تطبق شرع الله في الأرض، وهي البلاد الوحيدة التي لم تدنسها أقدام الاستعمار لحظة من الزمن، وهي البلاد الوحيدة التي ليس فيها كنيسة ولا معبد لغير الإسلام، ولذلك فإن التركيز عليها يكاد أن يكون أكثر من أي بلد آخر، ولعلنا نشاهد ذلك حينما يتصارع الحق والباطل، ولكن الباطل هو كما أخبر الله عز وجل عن مصيره:{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ}[الأنبياء:١٨].