للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قانون معالجة المشاكل الزوجية في الإسلام يضمن للمرأة حقوقها كاملة]

الحياة الزوجية -وإن كانت وثيقة- فهي معرضة للخلاف والنزاع والاضطراب، ولكن الرجل -باعتباره أقوى من المرأة أعصاباً وأكمل عقلية- مطالب بالتحمل والصبر وعدم التسرع، خصوصاً وأن تسرعه يؤدي إلى هدم الأسرة وتفكك أواصرها؛ لذلك فقد عالج القرآن هذه الظاهرة أحسن علاج على ست مراحل؛ حتى لا يقع الطلاق إلا بعد اليأس من الإصلاح.

أولاً: أمر الله عز وجل بالتحمل والتغافل عن بعض الأخطاء، وعدم التغافل عن حسناتها لعلها تقابل سيئاتها، يقول سبحانه وتعالى في هذا الأمر: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء:١٩] أي: ربما هذه الحسنات تقابل هذه السيئات.

ويقول عليه الصلاة والسلام: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) أي: لا يهينها ولا يذلها.

وأي المسلمين ليس له حسنات؟ وكفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه.

ثانياً: الوعظ: حينما ينفذ هذا الصبر يأتي دور الوعظ، يقول الله عز وجل: (فَعِظُوهُنَّ)، ومعناه: تذكيرها بحقه، وما له وما عليه، ووجوب طاعته، وبالوعيد على المرأة إذا خالفت أمره، وما أعده الله عز وجل للمرأة المطيعة من الثواب.

ثالثاً: الهجر: يأتي دور الهجر في قوله تعالى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء:٣٤]، بحيث يتجنبها بعض الشيء، ويستدبرها إذا نام في فراشه، ويجعل له فراشاً خاصاً بعض الوقت لعله أن يؤدبها بذلك.

رابعاً: الضرب: يقول الله عز وجل بعد ذلك ((وَاضْرِبُوهُنَّ) أما الضرب الشديد فقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (ولا تقبح ولا تضرب الوجه)، والضرب من باب التربية لا من باب العقوبة؛ لذلك يجب أن يكون ضرباً سهلاً إذا لم تنفع العلاجات الأولى.

خامساً: التحكيم بينهما: وهذا يكون إذا لم تنفع الوسائل السابقة، حينئذٍ يأتي دور العقلاء ليتدخلوا في إصلاح هذه العلاقة ما أمكن، يقول سبحانه وتعالى عن هذه المرحلة: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء:٣٥]، ويقول سبحانه وتعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء:١٢٨]، وذلك إذا أمكن الصلح.

سادساً: الطلاق: وهو دور -وإن كان مكروهاً- فإنه يكون حين لا يمكن الإصلاح بأي وسيلة، وتظهر حكمة الإسلام في دور الطلاق حينئذٍ، ويكون نعمة من نعم الله عز وجل على الرجل والمرأة.

سابعاً: الفراق: والفراق حينما يتم فإن الله تعالى يعد كلاً منهما بالفرج والمخرج: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} [النساء:١٣٠].

وحينئذٍ فلا مجال للطعن في الإسلام؛ ما دام قد بذل كل الوسائل ومهد كل التمهيد لعلاج العلاقة الزوجية قبل الفراق، علاجاً كافياً لحفظ نظام البيت ومنهجه.