قال تعالى:{إِنِ اتَّقَيْتُنَّ}[الأحزاب:٣٢]، وهذه أولى صفات المرأة، وإن كانت هذه الصفة مطلوبة في الرجل والمرأة على حد سواء، لكنها في المرأة أولى؛ لأن تقوى المرأة يعني عفتها وطهارتها، وعفتها وطهارتها وخشيتها لله عز وجل تعني تطهير المجتمع من الفساد، وتطهير المجتمع من الفساد يعني أن تبقى للأمة أخلاقها، وأن يبقى لها دينها، وأن تبقى لها محافظتها، وحينئذ يكون هذا المجتمع طيباً طاهراً نظيفاً، وتكون هذه البيئة صالحة للتربية.
إن تقوى المرأة أهم في المجتمع من تقوى الرجل، بالرغم من وجوب التقوى على الذكر والأنثى؛ لكن فساداً واحداً في مجتمع لامرأة واحدة يحدث خللاً في مجتمع كامل هل تقرءون أيها الإخوة سورة النور؟ لا نجد في القرآن ولا في السنة آية ولا حديثاً تقدم فيه المرأة على الرجل إلا في موضع واحد، في كل آيات الكتاب وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الأمر الذي قدمت فيه المرأة هو الزنا فقط، قال تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[النور:٢]، لماذا قدمت المرأة هنا على الرجل؟ يقول المفسرون: لأسباب كثيرة: أولاً: أن عرض المرأة حساس أشد من عرض الرجل، فالحديث عن المرأة بفاحشة أو بتهمة يعني أنها لا تتزوج أبداً، ويعني أن ذلك يحط من شأن الأسرة كلها، ويقلل من أهميتها، ويسقطها من عين المجتمع، إضافة إلى أن المرأة -نسأل الله العافية- لو فسدت في مجتمع كبير لاستطاعت أن تفسد أمماً، لو أن واحدة من النساء تبرجت وخرجت في أكبر مدينة، وجابت خلال شوارعها وأسواقها، لاستطاعت أن تفتن نصف هذا المجتمع على الأقل، إن لم يتداركه الله عز وجل بلطفه، بخلاف انحراف رجل واحد أو فساد رجل واحد؛ فإنه لا يستطيع أن يفسد كما تفسده المرأة، ولذلك فإن الله عز وجل هنا قدم المرأة على الرجل في قوله:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[النور:٢]، ولم يقدم الرجل هنا، وقدم الرجل في الزواج في قوله:{الزَّانِي لا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً}[النور:٣]، وقدم الرجل في السرقة:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة:٣٨]، إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الكثيرة التي يتقدم فيها الرجل دائماً على المرأة إلا في مثل هذه الحال.