للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نماذج من شباب ورجال المساجد]

المساجد هي التي ربت الرجال، اقرأ تاريخ البشرية بصفة عامة، واقرأ تاريخ الإسلام بصفة خاصة لتعرف كيف ربى الإسلام الرجال، شباب في سن المراهقة، لكن كانت عقولهم ومستوياتهم فوق عقول الرجال في أيامنا الحاضرة، فهذا أسامة بن زيد رضي الله عنه حب رسول الله وابن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم قاد الجيش إلى بلاد الشام وهو ابن ثماني عشرة سنة، وقد جهز هذا الجيش صلى الله عليه وسلم قبل وفاته، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلف أبو بكر وعمر هل يسير هذا الجيش إلى بلاد الشام أو يبقى، فـ عمر رضي الله عنه يرى أن يبقى هذا الجيش لحراسة المدينة، وأبو بكر يرى أن يذهب هذا الجيش تحقيقاً لتجهيز رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره، وفعلاً يسير هذا الجيش ويظهر قوةً للأمة الإسلامية، ويبين للرومان أن الأمة الإسلامية بالرغم من وفاة رسولها صلى الله عليه وسلم أنها ما زالت بخير، وأنها أرسلت هذا الجيش الجرار إلى بلاد الشام من المدينة، ويقوده رجل لا يتجاوز الثامنة عشر من عمره.

وهذا محمد بن القاسم رحمة الله عليه رجل في السابعة عشرة من عمره قاد جيشاً إلى بلاد السند، وفتح لنا شبه القارة الهندية التي تعتبر الآن من أكثر بلاد الإسلام كثافة، فتحها هذا الشاب وهو لا يتجاوز السابعة عشرة من عمره.

ومن هؤلاء الرجال عقبة بن نافع رضي الله عنه، الرجل الذي كان يقود جيشاً في شمال أفريقية، ويسابق الشمس على مطالعها، ويصل بجيشه إلى تونس الحالية، وعندما أراد أن يبني مدينة القيروان لتكون قاعدة للمسلمين في شمال أفريقية أتى إليه أهل تلك البلاد وقالوا له: يرحمك الله أيها الأمير! هنا غابات رجع الفاتحون دونها, فلن تستطيع أن تبني فيها مدينة القيروان.

فيقول لهم: لابد من أن أبني فيها مدينة القيروان.

ويقف على جانب الغابة ويخاطب الوحوش ويقول: أيتها الوحوش! نحن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم جئنا هنا لننشر الإسلام.

يقول شاهد عيان: والله لقد رأينا الوحوش تحمل أولادها تخلي الغابة لـ عقبة بن نافع ليقيم عليها مدينة القيروان.

ثم يسير هذا البطل المؤمن ابن المسجد متجهاً إلى جهة الغرب حتى يغرز قوائم فرسه في مياه المحيط الأطلسي ويقول: لو أعلم أن وراء هذا الماء أحداً لخضته إليه على فرسي.

وينشر الإسلام في شمال أفريقية ويستشهد هناك.

أما قتيبة بن مسلم فإنه اتجه شرقاً, ففتح بلاد ما وراء النهر وتوغل فيها، ثم سأل أصحابه ذات يوم وقال: أي بلد أمامنا؟ فقالوا: يرحمك الله هذه بلاد الصين.

فقال: والله لا أرجع إلى أهلي حتى أطأ بأقدامي هذه أرض الصين, وأضع وسم المسلمين على الصينيين, وأفرض عليهم الجزية.

ثم تصل الأخبار إلى ملك الصين, فيخاف من قتيبة بن مسلم رحمة الله عليه, ويرسل صحافاً من الذهب قد ملئت بتراب الصين ويرسل أبناءه الأربعة ويرسل الجزية ويقول: هذه تربة الصين ليبر قتيبة بقسمه ويطأها وهو في مكانه, وهذه هي الجزية، وهؤلاء أولادي الأربعة يضع عليهم وسم العرب.

ثم يعود قتيبة بن مسلم إلى بلاده بعد أن نشر الإسلام في أقصى الشرق.