إنني ملتزم منذ مدة طويلة ولله الحمد، ولكنني لم أتذوق حلاوة الإيمان حتى الآن، فكيف يتم ذلك؟
الجواب
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاًً)، فما دمت قد رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ رسولاً فأنت ذقت طعم الإيمان، والإيمان ليس طعماً يذاق ويشعر الإنسان أو كل الناس بطعمه، الإيمان في الحقيقة لذة لا تساويها أي لذة في هذه الحياة، ونعمة لا تساويها أي نعمة، ولكني أقول: ما دمت -يا أخي- قد بدأت الطريق إلى الله عز وجل، وسرت سيرة حميدة فلابد من أن تذوق طعم الإيمان، وإني أخشى من أنك لم تلتزم كل الالتزام؛ لأنك حينئذ لو التزمت كل الالتزام لذقت طعم الإيمان.
والحقيقة أن طعم الإيمان يدركه المؤمن، وطعم الإيمان هو هذه السعادة وهذه اللذة التي يشعر بها الإنسان داخل نفسه، وإن كان في مصائب خارج نفسه، وهي التي يقول الله عز وجل عنها:{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}[النحل:٩٧] ويقول عنها سبحانه وتعالى: {وَأَنْ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ}[هود:٣].
ويقول عنها ابن تيمية رحمة الله عليه: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة.
ويقصد بجنة الدنيا لذة الإيمان.
ويقول عنها إبراهيم بن أدهم رحمة الله عليه: والله لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من لذة الإيمان لجالدونا عليها بالسيوف.
هذه اللذة تدركها يا أخي، فأنت تشعر بالراحة والطمأنينة، بل تشعر بالخلود؛ لأن غير المؤمن لا يشعر بالخلود، فهو يعتبر أن الموت هو النهاية، أما أنت -أيها المؤمن- فإنك تعتبر الموت هو البداية وليس النهاية، وتؤمن بقضاء الله وقدره، فإذا أصابتك مصيبة لا تجد جزعاً في نفسك؛ لأنك مؤمن، أما ذلك البعيد فإنه لا يستطيع أن يتحمل أي مصيبة من المصائب؛ لأنه لا يجد لذة الإيمان، وإذا أردت الدليل على ذلك فاقرأ أخبار العالم الذي تجرد من لذة الإيمان، كيف أصبح الانتحار عندهم يسجل بالثانية والدقيقة في هذا العالم؛ لأنهم لم يذوقوا بعض طعم ولذة الإيمان، أسأل الله أن يذيقني وإياك والمسلمين كافة طعم الإيمان.