الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً، قيماً لينذر بأساً شديداً من لدنه، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وبارك، وعلى آله ومن دعا بدعوته وعمل بسنته ونصح لأمته إلى يوم الدين.
أما بعد: أيها الأحبة في الله! إنها لفرصة عظيمة في موسم عظيم بجوار كعبة الله المشرفة في ليالي رمضان المبارك، في ليلة تدلف كثيراً إلى ليلة بدر الكبرى التي سمى الله عز وجل يومها: يوم الفرقان، لذلك فإنه يحسن بنا اليوم أن نصيخ بالآذان وأن نفتح القلوب والأفئدة، لاسيما في فترة أقبلت الأمة فيها إلى ربها سبحانه وتعالى وعلى ملتها الإسلام، لكنها فترة فيها ما فيها من التخلف ومن الفتن والمصائب التي تطغى على الأمة الإسلامية، إلا أن إقبال مثل هؤلاء الشباب -الذين أشاهد كثيراً منهم أمامي- في هذه اللحظات على الخير والعلم والمحاضرات الإسلامية يدل دلالة واضحة على أن العودة إلى الله عز وجل وشيكة، وأن هذه الأمة لا تزال في خير حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
أيها الإخوة! وكلما أقبل على المسلمين شهر رمضان المبارك تاقت نفوسهم إلى موسم من مواسم العبادة، وإلى فرصة من فرص الخيرات، التي يمن الله عز وجل بها على عباده، لاسيما وأن شهر رمضان العظيم المبارك فيه فرص لمغفرة الذنوب، وفتح أبواب الجنة، وإغلاق النار وأبوابها، وتصفيد مردة الشياطين، وهو أيضاً مجال وفرصة للتقوى لله عز وجل، ولذلك يقول الله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة:١٨٣].
فلا تعجب يا أخي المسلم! وأنت ترى المساجد تكتظ بالمصلين وبالتالين لكتاب الله عز وجل، وترى المسجد الحرام عن يمينك وهو يكتظ بالمسلمين من كل فج عميق، إنها التقوى التي أخبر الله عز وجل عنها في قوله:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة:١٨٣].
ثم لا تعجب يا أخي! وأنت ترى أبواب الخير الأخرى تفتح نفسها على مصراعين واسعين بالبذل والعطاء والسخاء والكرم، حينما يمد أصحاب الأموال أيديهم إلى إخوانهم المضطرين وما أكثرهم في العالم الإسلامي، ثم لا تعجب! وأنت ترى في هذه الحقبة من التاريخ وفي شهر رمضان بصفة خاصة كثرة التائبين والعائدين إلى الله عز وجل، إنها نعمة من نعم الله عز وجل، ومنحة يمنحها الله عز وجل لهؤلاء المسلمين لاسيما في شهر رمضان.