للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآثار المترتبة على اتخاذ الفيء دولاً

أخي الكريم! موضوع حديثنا حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث وإن كان فيه ضعف لكن له ما يقويه من أحاديث أخرى ومن الواقع، فيأخذ درجة القبول، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا اتخذ الفيء دولاً، والأمانة مغنماً، والزكاة مغرماً، وتعلم لغير الدين، وأطاع الرجل زوجته وعق أمه، وأدنى صديقه وأقصى أباه، وظهرت الأصوات في المساجد، واتخذت القينات والمعازف، وشربت الخمور، وظهر الزنا، وأكرم الرجل مخافة شره، وساد القبيلة فاسقهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليرتقبوا عند ذلك ريحاً حمراء، وزلزلة، وخسفاً، ومسخاً، وقذفاً وآيات تتابع كنظامٍ بالٍ انقطع سلكه فتتابع)، وفي حديث آخر: (إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء).

نتحدث عن هذه الخصال لنرى مدى مطابقتها لواقعنا، وهل في هذه الأمة من تجرأ على هذه الأمور؟! وما هي النتيجة؟! قوله: (إذا اتخذ الفيء دولاً) الفيء في اللغة: هو ما يؤخذ من العدو، وفي الشرع: هو ما يؤخذ من العدو بدون قتال.

ثم صار الفيء يطلق على كل أموال المسلمين العامة، فصار بيت مال المسلمين يسمى فيئاً؛ لأنه يعتبر مصرفاً من مصارف الفيء، كما قال الله عز وجل: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الحشر:٧] وقال في الآية التي قبلها: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} [الحشر:٦].

وإذا كان الفيء بيت مال المسلمين، فإن لبيت مال المسلمين الحرمة أعظم من أي مال من أموال الناس؛ لأن مال واحد من الناس يخص ذلك الواحد، ولربما يعفو عن حقه في يوم من الأيام، لكن بالنسبة لبيت مال المسلمين فإنه يتعلق به كل واحد من هؤلاء المسلمين الذين لهم حق ولهم صلة في هذا المال، فالتعدي على بيت مال المسلمين يعتبر من أكبر المعاصي التي تسبب سخط الله عز وجل أياً كان هذا التعدي، ولذلك فإن اتخاذ الفيء دولاً والتلاعب به بحيث يصبح دولة بين الأغنياء من الناس يعتبر سبباً من أسباب البلاء والفتنة.