يقول الله تعالى:{وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ}[الحج:٤٠] كيف يكون نصر الله سبحانه وتعالى؟
الجواب
نصر الله عز وجل بإظهار الذين ينصرونه بالتمكين لهم في الأرض، وبالدفاع عنهم، وبظهور دينهم حتى ولو لقوا في سبيل دعوتهم ونصرتهم لدين الله عز وجل الأذى الشديد، لكن العاقبة لهم، كما قال الله عز وجل:{وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[القصص:٨٣] فقد يظهر في بادئ الأمر أن الكفة راجحة في أيدي أعدائهم كما يوجد في كثير من الأحيان، وقد يبتلي الله عز وجل هؤلاء الذين ينصرون دينه، فيظهر أن الأمر لحساب غيرهم، وقد تطول مدة الفتنة، وهذه حكمة الله عز وجل، حتى يمتحن هؤلاء الناس ويمحصهم، ولربما يتخذ منهم شهداء، أي: أناس يستشهدون في هذا السبيل، كل ذلك يحصل في طريق نصرة دين الله، فإن وعد الله لا يتخلف، فسينصرهم الله، ولربما ينصرهم الله في ظهور مذهبهم ومنهجهم ومبدئهم الذي دافعوا عنه، ويعتبر نصراً ولو قتل الإنسان الذي دافع عن دين الله؛ لأنه ليس معنى النصر السلامة، وإنما النصر الحصول على الهدف الذي يسعى إليه هذا الإنسان، ولربما يكون من أهدافه الشهادة مع النصر لدين الله عز وجل، وهؤلاء هم الذين يقدمون أنفسهم قرباناً لدين الله سبحانه وتعالى.
إذاً لا يتصور أحد من الناس أن النصر معناه فقط السلامة من العدو، أو السلامة من المعتدي، وإنما يحصل القتل والسجن والأذى في ذات الله عز وجل، لكن يظهر هذا المبدأ الذي دافع عنه هذا الإنسان، ويكون ذلك من أرقى أنواع الصبر، ولذلك الله تعالى يقول عن المرسلين:{كُذِّبُوا وَأُوذُوا}[الأنعام:٣٤] ومع ذلك نصرهم الله عز وجل، ولربما تأخر النصر كثيراً، قال تعالى:{حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ}[يوسف:١١٠] والله تعالى ذكر الابتلاء في طريق النصر وفي طريق الجنة، قال تعالى:{الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ}[العنكبوت:١ - ٢]، وهذا استفهام إنكاري من الله عز وجل.