ثم وضح الله عز وجل هذا الصراط المستقيم فقال عز وجل:{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}[الفاتحة:٧]، ومعنى (صراط): أي: طريق، و (صراط) هنا بدل من الصراط، ولذلك نجد أنها منصوبة كما نصبت الصراط، لكن تلك بـ (أل) وهذه مضافة؛ لئلا تجتمع (أل) والإضافة، أي: طريق الذين أنعمت عليهم، والمراد بالذين أنعم الله عليهم: هم المؤمنون، فالله عز وجل أنعم على المؤمنين، وأضل الكافرين عن هذا الطريق.
(صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)، أي: من عباد الله المؤمنين، وهذه النعمة المراد بها نعمة الإسلام، وليس المراد بها نعمة المادة فقط التي يسألها ويطلبها ويسعى إليها كثير من الناس، فنعمة الإسلام هي أكبر نعمة، وأكبر ما من الله عز وجل به على واحد من الناس أن هداه لهذا الدين، ولذلك أخبر الله عز وجل فقال:(أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)، أي: أنعمت عليهم بالهداية، وأنعمت عليهم بالتوفيق، وقد ضل عن هذا الطريق أناس كثر، ولذلك قال هنا في أولها:(اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)، وأخبر بأن هؤلاء الذين هداهم الله عز وجل هم الذين أنعم الله عليهم، كما قال الله عز وجل في سورة النساء:{فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ}[النساء:٦٩]، أي: نعمة الهداية في الدنيا، ونعمة الجنة والدرجة العالية في الحياة الآخرة، ولذلك قال الله عز وجل:(أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)، أي: نعمة سابغة، وهي أعظم نعمة، فنعمة المال والأهل والولد كل هذه في الحقيقة تعتبر نعمة، لكنها وإن كانت نعمة في الحقيقة إلا أنها نعمة دون النعمة الكبرى، فالنعمة الكبرى هي هداية الإسلام، وما أنعم الله عز وجل على أحد أفضل وأكثر مما أنعم به في الهداية إلى الإسلام، وهذا معنى قوله تعالى:(أنعمت عليهم) وهم المسلمون.