إذاً: معنى ذلك أن باب التوبة مفتوح في هذه الحياة، ولذلك يقول الله تعالى:(وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمِ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ)، السوء: معناه السيئات عموماً، (يَظْلِمِ نَفْسَهُ) معناه: الشرك بالله سبحانه وتعالى، يعني: حتى الشرك بالله وهو أعظم الذنوب، وإذا كان الشرك بالله يغفره الله عز وجل فليس عجيباً أن يغفر الله عز وجل ما دون ذلك، والذنب الثاني بعد الشرك بالله هو الربا، الربا الذي أصبح الآن سهلاً تناوله عند كثير من الناس، يعلن بنك الرياض المساهمة فيتسابق الناس إلى المساهمة في بنك الرياض، أتدرون ما هو بنك الرياض وأي بنك من البنوك؟ هو الحرب لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم، لا يغركم يا إخوان أنكم ترونها قد فتحت أبوابها أمام الناس، هي حرب لله هي أعظم ذنب بعد الشرك بالله عز وجل، أعظم من الزنا، وأعظم من المخدرات التي تحارب الآن بكل الوسائل، وأعظم من اللواط، وأعظم من المسكرات، وأعظم من السرقات، لكنها لا تحارب كما تحارب هذه الذنوب، لكن الله عز وجل توعد عليها بعقاب شديد.
الربا أصبح الآن مغرياً يسيل له لعاب الناس وفي يوم من الأيام أعلن أحد البنوك فأصبح الريال يساوي أربعين ريالاً، إذاً ليس غريباً أن يقدم الناس على الربا إلا من عنده وازع إيماني؛ لأن هذه هي الفتنة التي يقول الله عز وجل عنها:{وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ}[الفرقان:٢٠]، أي: هل تتحملون هذه الفتنة؟ بنو إسرائيل أراد الله عز وجل أن يختبرهم كما نختبر الآن بأرباح البنوك والشركات التي تربح بسرعة، فأعطشهم الله عز وجل، وأجرى لهم نهراً بارداً، وقال: لا تشربوا من هذا النهر إلا من اغترف غرفة بيده، فشربوا منه إلا قليل منهم.
إذاً: لا تعجبوا حينما ترون كثيراً من الناس وقعوا في الربا، ومن لم يأكل الربا أصابه من غباره، بنو إسرائيل حرم الله عليهم الصيد يوم السبت، وفتنهم، وجعل السمك في يوم السبت يطفو على سطح البحر، ويختفي بقية أيام الأسبوع، لكن بنو إسرائيل أعقل من كفرة أو من فجرة أو من عصاة هذا العصر، ما صادوا يوم السبت لكن استعملوا الحيلة، فصاروا يضعون الشباك يوم الجمعة ويرفعونها يوم الأحد، فهي تكون مملوءة بالأسماك، كما يفعل الناس في حيل البنوك الآن وحيل الربا ما تشاهدونه.
المهم يا إخوتي! إذا رأيتم هذه الأرباح الهائلة فاعرفوا أن وراءها طالباً، فأحذركم من الربا، وأنا تعرضت لهذا الموضوع؛ لأنه موضوع الساعة، أما حديثنا عن مغفرة الذنوب فإن الله عز وجل يتجاوز عن كل الذنوب حينما يصدق الإنسان بالتوبة:(وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا) أي: سيئة أياً كانت هذه السيئة (أَوْ يَظْلِمِ نَفْسَهُ)، وهو الشرك بالله عز وجل (ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا)، من نعمة الله أن قال: ثم يستغفر، ولم يقل: فيستغفر، فالفاء للسرعة وثم للتراخي، ولذلك حتى لو مضى على هذا الذنب مدة من الزمن فالمهم أن يتوب بصدق وأن يبادر إلى التوبة والإنابة بعزيمة صادقة، وأن يرد المظالم فيترك الربا إذا كان كسب مالاً من الربا؛ لأن الله تعالى يقول:{وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ}[البقرة:٢٧٩]، فقط رأس المال، أما الربح فليس لك:{لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ}[البقرة:٢٧٩].
{وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمِ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا}[النساء:١١٠]، الله تعالى قريب لكن بشرط أن يصدق هذا الإنسان مع ربه سبحانه وتعالى.