للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لزوم الاستعفاف لمن لا يجد القدرة على النكاح]

قال الله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً} [النور:٣٣] أي: الذي لا يجد وسائل النكاح عليه أن يستعف، ويطلب العفاف ويبتعد عن مواطن الفتن حتى ييسر الله له طريق المهر فيتزوج بهذا المال الذي أعطاه الله تعالى.

ولكن هناك طريق أخرى لا نغفل عنها، فلماذا لا تقدم الصدقات والزكوات وفضل المال العريض الذي من الله علينا به لتزويج هؤلاء العزاب؟! كذلك يجب أن يتعاون أولياء النساء مع الشباب في تخفيف هذه المهور؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (أكثرهن بركة أيسرهن مئونة) ولذلك بمقدار ما تقل المئونة وتقل تكاليف الزواج تكثر البركة، ولكن حينما تكثر تكاليف الزواج تقل البركة، وهذا شيء نشاهده من خلال دراسة أحوال المجتمع، إذا خسر رجل على زوجته مئات الآلاف من الريالات فإنه لا تمضي مدة من الزمن إلا وهو يكرهها؛ لأنها أثقلته بالديون، وهب أنها ليست ديوناً، فإنه يشعر دائماً أنه اشتراها بثمن غال نفيس من ماله، وتجد أنه يستثقلها دائماً وأبداً، ولربما لا يتم لها مدة حتى يطلقها أو يؤذيها ليسترجع هذا المهر مرة أخرى وليتزوج امرأة أخرى، وهذا -والله- واقع كثيرٍ من الذين يبذلون المال الكثير في الزواج، لكن الذين يبذلون المال القليل يجعل الله عز جل فيه البركة، فعندما لا تبنى العلاقة الزوجية على مطامع مادية بل تبنى على محبة وعلى إحسان تكون النتيجة طيبة، ولذلك يقول الله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:٣٣].

فندعوا أصحاب الأموال إلى تقديم زكاة أموالهم للشباب العاجز عن الزواج، فإن هذا -في اعتقادي- هو أفضل ما يقدم فيه المال في أيامنا الحاضرة، وأظنه من المال الذي نقدمه للجهاد في سبيل الله؛ لأن هذا نوع من الجهاد، ومحاربة للرذيلة، وإنشاء لبيوت مسلمة، سيما إذا كان الرجل صالحاً والمرأة صالحة، لكن حينما نبخل بهذا المال يكون الفساد العريض.

فلابد من أن نقدم كثيراً من المال لتزويج العزاب، وأنا أدعو الجمعيات الخيرية وأدعو أصحاب الخير والمال لتزويج العزاب، لعل الله سبحانه وتعالى أن يحفظهم من هذه الفتن التي غصت بها الحياة الدنيا.

قوله: (وَلْيَسْتَعْفِفْ) أي: يطلب العفة.

قوله: (الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً) أي: أسباب النكاح.

(حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) فيصوم إن كان الصوم يكسر الشهوة، ويغض البصر، ويبتعد عن مواطن الفتن إلى غير ذلك من الأمور التي يستغني بها العزب عن الحرام.