أيها الإخوة! إن الله تعالى يبتلي المؤمنين بالفسقة، ويسلط بعضهم على بعض؛ لينظر كيف يعملون؛ ولينظر هل يقوم جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بلاد المسلمين أم أن الناس يخافون على أنفسهم وعلى حياتهم وعلى أرزاقهم، وهذا وبعينه هو ضعف الإيمان، بل أخشى أن يصل بالناس إلى درجة الشرك بالله عز وجل، فحينما يُصرف جانب الخوف لغير الله عز وجل ويكون من غير الله فإن هذا من الشرك، والله تعالى يقول:{فَلا تَخْشَوْا النَّاسَ}[المائدة:٤٤]، والناس لا يملكون للناس نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، كما قال صلى الله عليه وسلم:(واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك؛ رفعت الأقلام، وجفت الصحف).
فصرف الخوف لغير الله عز وجل نقص في جانب من جوانب التوحيد، وليس من جوانب المعصية والطاعة، بل هو من جانب الشرك والتوحيد، فإذا صرف هذا الأمر لغير الله عز وجل، وأصبح الإنسان يخاف على حياته أو يخاف على رزقه أو يخاف على نفسه أو يخاف على أهله، ويترك لذلك أموراً هو يُطالَب بها من قبل الله عز وجل، بحيث يقدم خوف البشر على خوف الله عز وجل، فهذا أمره عظيم، وهذا ليس معصية، ولكنه شرك بالله عز وجل.
فتجب الثقة بالله سبحانه وتعالى؛ فإن الله تعالى قدر الآجال، كما قال سبحانه:{كِتَاباً مُؤَجَّلاً}[آل عمران:١٤٥]، وقال:{فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ}[الأعراف:٣٤]، وقدر الأرزاق، كما قال سبحانه:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}[هود:٦]، وقدر كل أمر من الأمور، فممَ يكون الخوف؟ يجب أن يكون الخوف لله عز وجل وحده.