للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طرق ووسائل اجتياز المسلمين للغربة التي يعيشونها]

إن جاهلية اليوم أخبث بكثير من جاهلية الأمس، وغربة اليوم أقسى بكثير من غربة الأمس، وإذا كان في غربة الأمس يحارب الإسلام بـ أبي جهل وأبي لهب وأبي بن خلف، فإن في جاهلية اليوم يحارب الإسلام بعبد الله وعبد الرحمن وأحمد ومحمد، تحقيقاً لوعد أعداء الإسلام الذين قال قائلهم: إنكم لا تستطيعون أن تقطعوا شجرة الإسلام إلا بغصن من أغصانها.

إن الذين يظنون أنهم سيحكمون المسلمين بقوة الحديد والنار مخطئون؛ لأن الإيمان أقوى من الحديد والنار، وإذا أردتم شاهداً على ذلك فانظروا إلى أفغانستان، لقد قدموا أكثر من مليون من الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله، ومع ذلك ما لان القوم بقوة الحديد والنار؛ بل يقاتلون الأعداء بالحجارة وأعداؤهم يقاتلونهم بالمواد السامة وبأحدث أنواع الأسلحة.

الإيمان أقوى من الحديد والنار، والذين يريدون أن يطوعوا المؤمنين بالترف والميوعة والفساد والمعصية مخطئون؛ لأن هذه الشعوب ستستيقظ في يوم من الأيام فلا تقبل هذا الترف ولا تقبل هذه الميوعة ولا تقبل هذا المتاع، لكن كيف نجتاز هذه الغربة التي نعيشها اليوم؟ وبأي شيء نستطيع أن نحكم هذا العالم؟ نحكمه بدين الله عز وجل، وحينئذ تمشي هذه الشعوب وتسير وراءنا بحق، وهكذا يستطيع القادة أن يحكموا العالم الإسلامي، ولذلك فإن التاريخ أكبر شاهد على ما نقول، فما استطاع أحد أن يحكم هذا العالم، وأن يذلل هذه الصعاب، وأن يجعل هذه البوادي وهذه الصحاري مدناً إلا حينما دعاها إلى دين الله عز وجل، ولعلنا نجد في سيرة الملك عبد العزيز رحمة الله عليه أكبر دليل على ذلك، فإنه ما استطاع أن يطوع هذه البوادي الجافة الجافية إلا بدين الله عز وجل، ولذلك فنحن نقول لخلفه من بعده: إنكم لن تستطيعوا أن تحكموا هذا العالم إلا بدين الله عز وجل، فنوصيكم بالثبات على دين الله عز وجل، وبتحكيم شرع الله عز وجل، ومن هنا نستطيع أن نجتازه هذه الغربة التي نعيشها اليوم.

ثم أيضاً بالجهاد في سبيل الله نستطيع أن نجتاز هذه الغربة كما اجتازها سلفنا الصالح؛ وذلك حينما أعلنوا الجهاد في سبيل الله، وجعلوا حياتهم كلها في مرضاة الله عز وجل.

أسأل الله تعالى أن يثبت الأقدام، وأن يرزقنا الاستقامة حتى نجتاز هذه الفتن التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها: (فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا).

نسأل الله أن يحفظنا وإياكم من هذه الفتن، وأن يرزقنا القوة والصلابة في الدين، حتى نكون من المؤمنين الأقوياء من أجل أن نجتاز هذه الغربة، وحينئذ فإن الخير أمامنا بإذن الله كما كان أمام أسلافنا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.