نحن أمة مطالبة بألا تضع السلاح حتى يكون الدين كله لله، وإذا وضعنا السلاح قبل أن يكون الدين كله لله، فلنتحمل ضريبة هذا الترك والإخلاد إلى الدنيا، فإن دين الإسلام كان آخر ما استقر عليه ألا يوضع السلاح وفي الأرض ملة غير ملة الإسلام، ودين غير دين الله، وإذا وضع السلاح فإن رد الفعل سوف يأتي من الخارج بتسليط الكافرين على المسلمين، نجد ذلك في قول الله تعالى:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}[الأنفال:٣٩].
ليس في الإسلام (ما لله لله وما لقيصر لقيصر)، ليس فيه علمانية: الصلاة والصيام والحج والعمرة لله، أما الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية فللبشر، فالإسلام لا يعرف هذا.
العلمانية إنما وجدت في الأمم النصرانية التي كانت تحارب التطور والتقدم، لكن ذلك لا يكون في أمة الإسلام التي يقول الله عز وجل لها في آية من آيات كتابه:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[الأنفال:٦٠] فهو يأمرها بالصناعة والإتقان وضبط الأمور.
نحن أمة شرعت الخلافة في الأرض، ووضعت نظاماً للسياسة والاقتصاد والاجتماع، ولذلك ليس فيها نظام علماني يقول: ما لله لله وما لقيصر لقيصر، الدين في المسجد والنظام لأناس غير أهل الدين.
ليس في الإسلام رجال دين، فكل واحد من المسلمين يجب أن يكون رجل دين، أما إذا كان الدين بعضه لله وبعضه للبشر فهذا من قول أهل الشرك كما قال تعالى:{وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ}[الأنعام:١٣٦] إن العلمانية نظام لا يصلح للبقاء، فهو نظام يريد أن يحصر الدين في المسجد، وفي المحكمة يحكم بغير ما أنزل الله، وفي الأنظمة الاقتصادية يشرع أنظمة على غير ما أنزل الله، وإن أمة هذا نظامها لابد أن يتسلط عليها أعداؤها.
إذاً: ما الحل؟ الحل أن يكون الدين كله لله:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}[الأنفال:٣٩] ليس هناك دين لله ودين للبشر؛ فالدين كله لله.
أيها الإخوة! إن الحد الذي يمكننا عنده أن نضع السلاح هو أن يكون الدين كله لله، وألا يكون هناك عبث في دين الله، أما إذا كان الدين لغير الله، ويعبد في الأرض غير الله فلا يجوز أن يوضع السلاح، فآخر ما استقرت عليه الوثنية والجاهلية التي بعث فيها الرسول عليه السلام أن عبد في مكة ستون وثلاثمائة صنم، فجاء رسول الله عليه السلام ودخل مكة فاتحاً، وليس هناك صنم معلق في الكعبة إلا وكسره بينما تقول الإحصائيات الآن: إن في الأرض عشرين ألف وثن تعبد من دون الله.