قال تعالى:{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}[الأنفال:٣]، أي: أنهم من أهل الزكاة والبذل أيضاً.
ولما كانت الآيات سوف تتحدث عن الجهاد جاء الإنفاق؛ لأن الجهاد يكون بالمال كما يكون بالنفس، ولربما الرجل قد يبخل بنفسه ودمه فلا يقدمه في سبيل الله، لكنه يجود بماله، فيقوم هذا المال بسد ثغرة من ثغرات الجهاد في سبيل الله، كما يوجد في أيامنا الحاضرة، ولكن لو بخل الناس بأنفسهم وبأموالهم جميعاً عن الجهاد في سبيل الله، فهذه هي التهلكة التي يقول الله عز وجل عنها:{وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}[البقرة:١٩٥]، فلابد من بذل المال.
وقال الله تعالى:{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}[الأنفال:٣]، وأصحاب الصلاة منهم.
وقال الله تعالى:{أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}[الأنفال:٤]، يعني: ليسوا مؤمنين أدعياء فقط، لكنهم مؤمنون حقاً، و (حقاً) هنا مصدر لفعل محذوف، أي: أحق الله ذلك حقاً، فأصبح أمراً مؤكداً.
إذاً: هذا الذي جمع هذه الصفات هو المؤمن.
فإذا أردت يا أخي! أن تعرف مقياس الإيمان عندك فزن بنفسك بهذه الآية:{إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}[الأنفال:٢ - ٣]، فإذا كانت هذه الصفات موجودة فيك فأنت -إن شاء الله- من المؤمنين حقاً، وذلك لا يمنع أن تكون هناك صفات أخرى مطلوبة أيضاً في المؤمن، من ترك ما حرم الله وفعل ما أوجب الله، لكن هذه الصفات المذكورة مقياس واضح لكل واحد من الناس.