ومنها أيضاً: ضعف اليقين بالله عز وجل، وعدم تصور عظمة الموقف، ويكون ذلك حينما يكون هذا الإيمان تقليدياً وراثياً، وهذا هو أخوف ما نخاف على المؤمن الذي يأخذ دينه وعقيدته بالوراثة أو من البيئة يجد أباه يصلي فيصلي دون أن يتصور حقيقة هذا الدين يجد أمه تصوم فيصوم، أخذ الدين عن طريق الوراثة فربما يرجع من منتصف الطريق دون أن يكمل المشوار إلى ربه سبحانه وتعالى.
لكن تصوروا يا إخوان! إبراهيم عليه الصلاة والسلام الذي يلقى في النار فيصبر، ويؤمر بذبح ولده فيحتسب، ويؤمر بترك ولده بوادي غير ذي زرع فيستجيب لأمر الله عز وجل؛ لأن إبراهيم عرف الله عز وجل من خلال آياته في هذا الكون، فهذه الآيات الآفاقية والكونية هي التي تهدي هذا الإنسان إلى إيمان أفضل، ولذلك يقول الله تعالى عن قصة إبراهيم وهو يبحث عن إله يعبده, وما كان يشك في الله، ولكنه كان يريد أن يعلم القوم، فهي حجة الله وحجة إبراهيم، قال تعالى:{وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ}[الأنعام:٨٣] إبراهيم ينظر إلى الكوكب فيقول: هذا ربي، ثم يغيب الكوكب فيقول: لا أحب الآفلين، ثم ينظر إلى القمر فيقول: هذا ربي، ثم يقول:{لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ}[الأنعام:٧٧]، ثم ينظر إلى الشمس فيقول:{هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[الأنعام:٧٨ - ٧٩].
من هنا يبرز الإيمان القوي، أما ضعف اليقين بالله عز وجل والإيمان الذي يقول صاحبه: إن كان ما جاء به المرسلون حقاً فلا ضير أن أكون قد اتبعتهم، وإن كان غير حق فأنا ما أتعبت نفسي! هذا الإيمان لا يدخل الإنسان الجنة، ولكنه اليقين الذي يتخطى به المسلم تلك العقبات، ويقتحم العقبة الكئود بحيث يصل إلى دار السلام آمناً مطمئناً.