للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الجزاء الثالث: الطمأنينة والأمن للمؤمنين]

يقول الله تعالى: {وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} [النور:٥٥] كان الرجل لا يطمئن أن يصلي حول الكعبة في العهد المكي كله، ثم حقق الله هذا الوعد للمسلمين، فيدخل الرسول صلى الله عليه وسلم مكة فاتحاً فتصبح مكة دار إسلام، وحينئذ أمن القوم، وما زال الإسلام يسعى لتحقيق هذا الأمن حتى حقق الله هذا الأمن للأمة الإسلامية بكل معانيه، سواء في ذلك الأمن الخارجي حينما أعلن المسلمون الجهاد في سبيل الله، فصارت تنهد الحصون للأمة الإسلامية ولجنود الله قبل أن يصلوا، أو الأمن الداخلي الذي حققه الله عز وجل للأمة الإسلامية بما شرعه سبحانه وتعالى من حدود ومن أوامر ومن نواه، فكانت الحدود أمناً للناس يأمنون بها على أنفسهم ودمائهم، كما قال الله عز وجل في القصاص: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة:١٧٩] أي: حياة سعيدة آمنة.

وقال عز وجل: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال:٢٤]، وكان قطع يد السارق أمناً للأموال، وكان رجم الزاني أمناً على الأعراض، وكان قتل المرتد أمناً على المعتقدات والدين، وكان جلد القاذف أمناً على الأعراض والسمعة، وكان جلد شارب الخمر أمناً على العقول وسائر التصرفات، وكان قتال المحاربين كما في قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة:٣٣] أمناً على الأمن كله، ولذلك فإن المسلم بعد أن أمنه الله عز وجل بهذه الحدود صار آمناً مطمئناً في هذه الأرض.