للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طرق ووسائل التخلص من الغربة]

نتحدث عن العنصر الأخير من عناصر هذا الحديث، وهو: كيف الخروج من هذا المأزق؟! وكيف نستطيع أن نجتاز هذه المرحلة العصيبة من مراحل هذه الغربة التي لم يمر في تاريخ البشرية مثلها منذ أن خلق الله عز وجل الأرض ومن عليها؟ ليس هناك سبيل إلا الجهاد، وليس هناك سبيل إلا أن نتوجه إلى أولي الأمر، لا سيما في بلاد الحرمين التي تعتبر جزيرة آمنة مطمئنة، يأوي إليها المستضعفون من كل بلاد العالم، فما يكاد أحد يؤذى في بلده إلا ويأوي إلى هذا البلد الذي جعله الله عز وجل مأمناً ومهوىً لأفئدة المسلمين أجمعين، وجعل لنا فيه حرماً آمناً، ويتخطف الناس من حولنا، وأرغد لنا في العيش، وأنعم علينا نعمه تترى، يقول الشاعر: أرى خلل الرماد وميض جمر ويوشك أن يكون لها ضرام وإن النار بالعودين تذكى وإن الحرب أولها كلام فإن لم يطفها عقلاء قومي يكون وقودها جثث وهام فعلينا أن نتقدم إلى المسئولين في بلادنا بطلبات واقتراحات ورجاء، ونقول لهم بلسان الحال وبلسان المقال: {يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا} [غافر:٢٩].

فهناك فساد عريض انتشر في هذه الأرض، سافر -يا أخي- إلى أي سفارة من سفاراتنا في الخارج، والله لقد رأيت إحدى سفاراتنا يؤكل فيها بأوانٍ من الفضة التي يقول عنها الرسول صلى الله عليه وسلم: (الذي يأكل في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم) ولدي دليل على ذلك، وعليها شعار الدولة، وقد رأيت في سفاراتنا سكرتيرات من أجمل البنات، وكذلك الخطوط السعودية في كل مكان من الأرض يديرها فتيات، لتأتي المصائب والبلاء، وآخر حدث افتتاح في مدينة عنيزة لمستشفى جديد، وهذا المستشفى يديره صليبيون نصارى، مدير المستشفى صليبي نصراني، ومدير الإدارة صليبي نصراني، ورئيس التنفيذ صليبية نصرانية، حتى المحاسب صليبي نصراني، إلى هذا الحد وصل بنا الأمر! وأظن أن سبب حصول مثل هذا هو أننا لا نناصح ولاة الأمر.

وأكبر ظني أنهم لا يدرون عن كثير من هذه الأمور، ولو قمنا لله مثنى وفرادى وزاحمنا ولاة الأمر الذين يقولون: إنهم قد فتحوا أبوابهم لكل من يريد أن يدلهم على خير.

لو فعلنا ذلك فلا أظن أنهم سوف يردون طلباً، لا سيما وأننا في أيام محنة وفتنة لا يخلصنا منها إلا أن نعود إلى ربنا سبحانه وتعالى.

وأقسم بالله على أن المضيفات في الخطوط السعودية لا يساوي لباسهن أي لباس في أي دولة من دول العالم في قصر الثياب وفي التبرج، وهذه مصيبة وهذا بلاء، فلنناصح المسئولين عن الخطوط السعودية لعلهم يتقون الله عز وجل.

وهناك أمور كثيرة لا بد من أن نقوم لها غاضبين لله عز وجل، ولكن بعقل وحكمة، وأقصد بالحكمة وضع الأمور في مواضعها، لا بد من أن نقول للمحسن: أحسنت.

ولا بد من أن نقول للمسيء: أسأت.

ولا بد من أن نناصح المسئولين؛ لأن هذا واجب، والنصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم واجبة، أما إذا سكتنا عن النصيحة فويل يومئذ للفضيلة من الرذيلة، وكذلك إذا لم يقبل ولاة الأمر نصيحتنا فويل لهم؛ لأن الله عز وجل يقول: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ} [البقرة:٢٠٦]، أما أن نخاف البشر وأن نجابي في دين الله فحينئذ لا تبقى بقية من ديننا، فما هو موقفنا بين يدي الله عز وجل الذي يقول: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ} [الحج:٤١]؟ أخي الكريم! الأيام التي نعيشها عصيبة، وما نزل عذاب إلا بذنب، ولن يرفع إلا بتوبة، فهل سنجدد التوبة مع الله عز وجل؟ فالعدو يحيط بنا من كل جانب، من حدود العراق إلى البحر الأحمر إلى الجنوب الغربي إلى الشرق، في كل مكان عدونا يحيط بنا، الذين أكلوا خيراتنا وأموالنا هم الآن الذين يحملون الحقد، فإلى أي طريق نفر؟! أين المفر؟! قال تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات:٥٠].

وأقول: أيها المسلمون! أصلحوا أوضاعكم، وناصحوا المسئولين وراسلوهم، وقولوا لهم: اتقوا الله فإننا نعيش في أمن ورخاء وسلام ويتخطف الناس من حولنا، ووالله الذي لا إله غيره إن لم نقم لله مثنى وفرادى دعاة ومصلحين فإن العذاب أقرب إلى أي واحد منا من شراك نعله.