للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قوله تعالى: (يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله)]

(وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ)، ما هو السبب؟ قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا) (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ) فهذه صفة المنافقين، المنافق أمام الناس كأنه عابد ناسك، لكنه أمام الله فاجر طاغوت نعوذ بالله: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ)، أي: جلسوا جلسة في الليل كما يجلس المجرمون الآن يخططون، وهؤلاء لا يخططون فقط من أجل تبرئة أبي طعيمة، وإنما يخططون للإطاحة بالإسلام.

هذا منهج المنافقين دائماً وأبداً في ذلك العصر وفي هذا العصر وإلى يوم القيامة؛ لأنهم يريدون أن يوقعوا الرسول صلى الله عليه وسلم في حرج حينما يقطع يد اليهودي، ولو قطع الرسول صلى الله عليه وسلم يد اليهودي لكانت المصيبة أكبر، ولكان اليهود يتهمون هذا الدين بأنه دين جائر حيث يسرق فلان وتقطع يد فلان اليهودي! لكن الله عز وجل يكشف مؤامرات المنافقين.

وفي يومنا هذا تجدون المنافقين حينما يخططون ويرتبون، ويجلسون الليالي الطوال يشتغلون في الظلام بخبث من أجل الإضرار بالأمة الإسلامية والإطاحة بها، نجد أن الله عز وجل بلطفه وكرمه دائماً يكشف لنا هذه المؤامرات؛ لأن سنة الله في هذه الحياة: (ولا يفلح الظالمون).

ولذلك فإن الله عز وجل كشف هذه المؤامرة فقال: {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا * يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ} [النساء:١٠٦ - ١٠٨]، هل يتصور هذا الإنسان أن الله تعالى معه في كل حالة من حالاته، وأي عمل يقدم عليه خيراً كان أو شراً فإن الله تعالى معه ومطلع عليه؟ لا بد أن يعرف هذا الإنسان يقيناً أن الله تعالى معه، وأنه يراقب تصرفاته: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا} [يونس:٦١]، فالله تعالى مطلع وضع شهوداً في هذه الأرض، فالأرض تحدث أخبارها، والملائكة الكرام الكاتبون يعلمون ما تفعلون، وجوارح هذا الإنسان أيضاً تشهد على هذا الإنسان؛ لأن الله تعالى يقول: {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا} [فصلت:٢٠] أي: النار، {شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [فصلت:٢٠ - ٢١].