[عقوبة من يحبون إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا وضرورة الحذر منهم]
يقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النور:١٩].
الذين يريدون أن تخرج المرأة عن الإطار الذي رسمه الله عز وجل لها، أو كما يزعم طائفة من الناس أنهم يطالبون بحقوق المرأة، وأن المرأة يجب أن تقود السيارة وتزيل الحجاب، فالهدف من وراء ذلك كله هو إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، وهدفهم أن تنتشر هذه الفاحشة، وإذا انتشرت هذه الفاحشة هلك الحرث والنسل، يقول الله سبحانه وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ) والمراد بالفاحشة هنا فاحشة الزنا.
قوله: (فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) عذاب الدنيا الجلد؛ لأن القاذف يجلد، وعذاب الآخرة نعوذ بالله شديد لا سيما إذا كان المقذوف زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [النور:٢١]؛ لأن الذين بدءوا يصدقون بهذا الإفك، أو يصدقون المروجين للفساد اتبعوا خطوات الشيطان؛ لأن هؤلاء شياطين الإنس، وشياطين الإنس ينثرون الفساد في الأرض وينشرونه، ويمشي وراءهم ويتبع خطواتهم ضعاف الإيمان.
أو شياطين الجن الذين يقذفون هذه الشبهة في المجتمعات وهؤلاء يصدقون.
يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ) أي: الذي يسير وراء الشيطان في كل صغيرة وكبيرة.
يقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النور:١٩] تصور يا أخي! الذين يريدون أن تشيع الفاحشة اليوم في الناس، والذين يريدون أن تخرج بنات المسلمين فاجرات داعرات منحرفات، هم لا يقولون ذلك بلسان المقال، لكن أرى من خلال تصرفاتهم أنهم يريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا؛ لأنهم يريدون أن يخرجوا المرأة المسلمة من إطارها، ويريدون أن ينقضوا على آخر معقل من معاقل الإسلام في جزيرة العرب وفي أرض المقدسات، ولقد ساءهم كثيراً أن فسدت المرأة في الدنيا كلها إلا هنا، فأصبح هناك تركيز كما هو حاصل في الصحف والمجلات كثيراً وكثيراً، يجب أن تكون المرأة كذا، الحجاب كذا، التستر كذا، التقوقع، التخلف إلى غير ذلك من الأمور التي أصبحت الآن تصك آذاننا، ويشهد الله عز وجل أننا قد سئمناها كثيراً، لكن لماذا هؤلاء يحبون أن تشيع الفاحشة؟ لأسباب من أهم هذه الأسباب: الأول: أن تكون المرأة لقمة سائغة في متناول أيديهم يفعلون بها الفاحشة.
الثاني: إن قلوب هؤلاء انقلبت وفسدت، وأدمغتهم غسلت في بلاد الكفر، أو من خلال أفكار ترد إليهم هنا، ففسدت فطرتهم؛ فيضايقهم أن تبقى المرأة المسلمة متمسكة بدينها؛ ولذلك تجد العلمانيين والمنحرفين والكفرة والفجرة وهم من أبناء جلدتنا يتكلمون بألسنتنا، يحبون أن تشيع الفاحشة في المؤمنين، ولربما أن أحدهم لا يبالي أن تنتشر الفاحشة ولو في أهله نعوذ بالله؛ لأن فطرته فسدت.
ومن المؤكد أن من يريد أن تنتشر الفاحشة في بيت من بيوت المسلمين؛ فإنه لا يبالي أن تنتشر الفاحشة في بيته في يوم من الأيام؛ لأنه يعرف أن المجتمع كله سلسلة متصلة الحلق ملتحمة ملتصق بعضها ببعض؛ ولذلك هو يريد أن تنتشر الفاحشة بأي وسيلة من الوسائل في العالم كله.
هؤلاء لنا معهم موقف ولنا معهم حساب، ونرجو الله أن يحكم بيننا وبينهم بالحق وهو خير الحاكمين.
وهؤلاء لهم عقوبتان: عقوبة في الدنيا، وعقوبة في الآخرة، يقول الله تعالى: (لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) أما عذاب الدنيا فإننا إن شاء الله في القريب العاجل ننتظر أن يكون على أيدي الولاة الصالحين الذين سوف ينتبهون حينما يرون الخطر قد داهمهم، أو على أيدي المؤمنين الذين يغضبون لله عز وجل، ووالله إن هذا ليوشك أن يكون، لولا وجود العلماء والصالحين الذين صاروا كوابح أمام هؤلاء الشباب المندفع لدينه والذي يغضب لربه، حتى لا ينتقم من هؤلاء الذين يحاولون الإفساد في الأرض، ونرجو أن يكون ذلك على أيدي السلطة المؤمنة، بحيث يوقفون هذا التيار المنحرف الجارف، الذي يريد أن يفسد على الأمة دينها وأخلاقها.
أما عذاب الآخرة فهو أشد من عذاب الدنيا وهو النار التي أعدت للكافرين، وأعدت أيضاً لهؤلاء الذين يسيرون ويسلكون مسلك الكافرين.
فلنحذر يا إخوتي هؤلاء الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، فهم الآن كثير وهم يظهرون التباكي على حقوق المرأة، حرية المرأة، المجتمع معطل، نقول لهم: إن الرجال لم يعمل منهم إلا أقل من عشرين بالمائة، فالمجتمع ليس معطلاً ولا حاجة إلى أن نشغل المرأة في أمور لا تهمها.
المهم يا إخوتي! انتبهوا لهذه الآية التي بينت أن فينا من يحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، فهل نقف أمام هؤلاء مكتوفي الأيدي أو لنا معهم حساب في الدنيا، أو لنا معهم حساب في الآخرة؟! لا شك أن لنا معهم موقفاً أمام الله عز وجل في الآخرة، ونرجو أن يكون لنا معهم موقف في الدنيا أمام السلطة العادلة.
والله يا إخوان: تكاثرت الظباء على خراش.
حقيقة نحن الآن لا ندري ماذا نقول؟ كل يوم نفاجأ بما يحاك ضد الفتاة من مؤمرات، فالعلمانيون يريدون إخراجها واختلاطها بالرجال في النوادي والمسابح وغير ذلك، ينبغي أن نعلن حالة الطوارئ، كيف نستمتع بالأكل والشرب والنوم وهناك عدو في الداخل وعدو في الخارج، يطوقنا من كل جانب، ويتربص بنا الدوائر.
ينبغي أن نتوجه إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والتضرع: {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا} [الأنعام:٤٤].
نحن نسمع كثيراً هذه الأشياء ونقرؤها في الصحف، ومع ذلك لا نقول: حسبنا الله ونعم الوكيل.
وهؤلاء الذين بدءوا يحركون الأخطار من الداخل أقسم بالله إنهم أعداء الدولة، فكما أن الدولة محاطة بالعدو من الخارج فهم يريدون أن يربكوها من الداخل، كما عمل اليهود داخل المدينة يوم جاءت الأحزاب، وطوقت المدينة من كل صوب، بدأ العدو في الداخل يتحرك فقام بنو قريظة وبنو النضير وبنو قينقاع، وصاروا يحركون المنافقين في الداخل ضد الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن هناك عدواً يطوقه من الخارج.
أنا أحذر المسئولين أن يتركوا هؤلاء يعبثون، وأظن أن المسئولين فيهم خير كثير إن شاء الله، ولكن التقصير منا، وأنا لاحظت شيئاً من تقصيري أنا حينما زرت بعض المسئولين الكبار، وجدت أنه لا تصل إليهم كل هذه الأخبار ولا يصل إليهم الناس.
أقول: يا إخوتي! أحذركم أن تتساهلوا في هذا الأمر، أو تتركوا هذا العدو يعبث من الداخل، ويشغل الحكومة عن عدوها الأكبر من الخارج، والله سبحانه وتعالى لن يتركهم يعبثون؛ لأنه تعالى له مقاليد السماوات والأرض.