للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحكمة من الحياة والموت]

لقد أخبرنا الله تعالى عن الهدف من الموت والحياة، فنحن لا نقول كما يقول ذلك الملحد: أنا لا أدري من أين جئت؟ وإلى أين سأذهب؟ بل نحن نعرف أننا جئنا من أصلاب آبائنا، ابتداءً من أبينا الأول آدم، ونعرف أننا خلقنا للعبادة، ونعرف أننا ذاهبون إلى الدار الآخرة، ونعرف أن هذه الحياة الدنيا إنما هي جسر وممر، وقد حدد الله تعالى هذا الهدف فقال: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك:١ - ٢] فهذا هو الهدف، ومن جهل هذا الهدف فعليه أن يعرفه، واعلموا أنّ الليل والنهار خزانتان، فانظروا ماذا تودعون فيهما؟ والليل والنهار خلفة كما أخبر الله عز وجل، أي: يخلف أحدهما الآخر، فإذا فاتتك عبادة في الليل فاستبدلها بعبادة في النهار: {إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا} [المزمل:٧] وإذا فاتتك عبادة النهار: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا} [الإنسان:٢٦] ولهذا قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ} [الفرقان:٦٢] والخلفة عند العرب: هي ما بين الحلبتين، فتحلب الناقة، ثم تكون هناك فترة، ثم تحلب مرة ثانية، {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان:٦٢].