وأول ما يتبادر للذهن أن الآية الأولى تشير إلى خلاف حصل بين أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس غريباً أن يحصل الخلاف؛ لأنها أول معركة، والمسلمون ما زالوا جدداً على القتال في سبيل الله وعلى الغنائم، والمسلمون الذين هاجروا فقدوا أموالهم كلها في مكة؛ فقد هاجروا بأنفسهم وما أخذوا شيئاً من أموالهم، وإنما عاشوا فقراء في المدينة، وكانوا من أثرى الناس في مكة، فحصل شيء من الخلاف في غنائم بدر، فإنه لما انتهت المعركة اختلف بعض المسلمين في الغنائم؛ لأن قوماً استمروا في المعركة، وصاروا يحرسون موقع الرسول صلى الله عليه وسلم، وفرقة أخرى أخذت الغنائم، فلما انتهت المعركة قال بعضهم لبعض: أنتم أخذتم الغنائم، ونحن نحرس ثغور المسلمين، وقالت الأخرى: نحن الذين حصلنا عليها، فأنزل الله تعالى قرآناً يزيل فيه هذا الخلاف، وأن هذه الغنائم ليست ملكاً لكم، وإنما هي لله ولرسوله، وذلك قد يحتمل أنها قبل أن تباح الغنائم لهذه الأمة، أو بعدما أبيحت الغنائم لهذه الأمة، لكن قسمتها أجلت حتى يحكم الله تعالى في ذلك.