الميزة الثالثة:(وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ): كامل الإيمان عنده اعتماد على الله سبحانه وتعالى، وليس عنده اعتماد على أحد من البشر، فأياً كان هذا البشر، ومهما أعطي من القوة، ومهما كان له من السطو، ومهما أوتي من الحنكة والذكاء والعلم، فلا تعتمد عليه، وإنما تعمد على الله سبحانه وتعالى، ولذلك قال:{وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[الأنفال:٢].
لم يقل: يتوكلون على ربهم، والفرق بين قوله تعالى:{وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[الأنفال:٢]، وبين:(ويتوكلون على ربهم) أن فيه تقديم ما حقه التأخير؛ يقول علماء اللغة: هذا يدل على الحصر، مثل:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ}[الفاتحة:٥]، أصلها: نعبد إياك، أو نعبدك، فتقديم الجار والمجرور على الفعل المتعلق به هو تقديم للحصر، أي: لا يتوكلون إلا على الله سبحانه وتعالى، ولا يعتمدون إلا على الله، مهما كان الجو مظلماً ومكفهراً، ومهما أوتي البشر من قوى مادية ضاربة في الأرض يحسبها الإنسان تدفع شيئاً من قضاء الله وقدره، لكنها في الحقيقة لا تغني من الله عز وجل شيئاً، فإذا اعتمد الإنسان على قوة البشر أو على قوته أو على أي قوة دون الله عز وجل، فهو لا يمكن أن يستفيد من هذه القوة.
إذاً: لابد أن يتوكل العبد على الله، ولا يتوكل على أحد سوى الله عز وجل، وإذا توكل على غير الله فإن الله تعالى يرفع يده عنه، وإذا توكل على الله تعالى فإن الله كافيه، قال عز وجل: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:٣].
إذاً: الله تعالى لا يكفي إلا من توكل عليه، أما من توكل على غير الله من قوى البشر فإنه مغلوب لا محالة.