للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حث الشباب على أن يكونوا على مستوى المسئولية]

أيها المؤمنون! لا بد من التوبة والمبادرة بالعمل الصالح قبل أن تفوت الفرصة، وأدعو الشباب ألاّ يفوتوا هذه الفرصة، وأن يبادروا بالتوبة، وأن ينضمّوا إلى أصحاب الصحوة الإسلامية، فقد تبين الرشد من الغي، وظهر الأمر جلياً، وأصبح الأمر واضحاً.

ونريد من شبابنا هؤلاء ألاّ تغرهم هذه الأماني التي غرت كثيراً من الناس، فقدموا على الله عز وجل على غير استعداد، وعلى غير أهبة، بل نريد منهم أن يكونوا في مصاف الرجال الذين أخبرنا الله عز وجل عنهم في مواطن كثيرة من القرآن: {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور:٣٧]، {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب:٢٣]، {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا} [الأنبياء:٧]، وأن يتحملوا المسئولية، وأن يقتدوا بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

فإن كانت أعمارهم في سن الشباب، أو في سن الطفولة، أو في سن ما يسمى بالمراهقة، فينبغي أن يكونوا في عقول الرجال، وفي مصاف الرجال، وهذا هو المنهج الذي سار عليه سلفنا الصالح رضي الله عنهم، فقد كان في سلفنا الصالح من هم على مستوى المسئولية، وفي مصاف الرجال، وهو مازال في سن مبكرة من العمر، ولو أردنا أن نتحدث عن شيء من أخبار هؤلاء لأصبح الحديث قريباً من الخيال.

أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنهما قاد جيشاً إلى بلاد الشام في آخر حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وعمره لا يتجاوز ثماني عشرة سنة، وكان في هذا الجيش من كبار الصحابة، وسار هذا الجيش في الفترة التي مات فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأثبت للمسلمين قوته وشجاعته أمام الرومان، وكان لهذا الجيش ما له من الأثر، والقائد شاب لا يتجاوز عمره ثماني عشرة سنة! قائد آخر يصغره بالسن سنة كاملة، وهو: محمد بن القاسم الثقفي رحمه الله، فقد قاد جيشاً وعمره سبع عشرة سنة إلى بلاد السند، فضم إلى بلاد المسلمين ما يسمى بشبه القارة الهندية اليوم، وقتل داهراً ملك البلاد، ونشر الإسلام، وحطم الأصنام، وأقام دولة إسلامية هناك، ولعلكم تعرفون أن سكانها من المسلمين في أيامنا الحاضرة يزيدون على ثلاثمائة وخمسين مليوناً في الباكستان والهند وبنغلادش، وهي ما يسمى بشبه القارة الهندية، فهذه البلدان، وهذا العدد الكثير من السكان فتحها رجل واحد بجيش قليل، لكن بعزيمة أعتى وأصلب من الحديد، وما زال العالم الإسلامي يعتز بتلك المنطقة التي تعتبر من أبرز وأهم مناطق العالم الإسلامي، وسكانها يزيدون على ثلث العالم الإسلامي، فهذا شاب لا يتجاوز عمره سبع عشرة سنة، إلاّ أنّه شاب تربى على أيدي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتابعين.

وكان من شباب المسلمين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من يقف في الصف على رءوس أصابعه، فسئل عن السر في ذلك؟ فقال: حتى يراني رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلاً، فيكتبني مع المجاهدين، ولذلك فنحن نريد هذا النوع من الشباب، علماً أن الساحة لم تخل -والحمد لله- من هذا النوع من الشباب، لكن نريد أن ندخل في السلم كافة، ونريد أن تنضم المجموعة إلى المجموعة؛ وحينئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.