الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمر بالاستقامة حتى الموت، ونهى عن التغيير والتبديل، ونصلي ونسلم على عبد الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، البشير النذير والسراج المنير الذي أرسله ربه رحمة للعالمين، وقال له:{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[هود:١١٢]، أما بعد: فإن حديثنا يتعلق بالاستقامة وأسباب الانحراف، وقبل أن ندخل في هذا الموضوع نريد أن نعرف أموراً: أولاً: معنى الاستقامة، ومعنى الانحراف.
ثانياً: هل الأصل في هذه الحياة الاستقامة، أم الانحراف.
ثالثاً: جزاء الاستقامة وعقوبة الانحراف.
رابعاً: عوامل الانحراف.
أما عندما نتحدث عن الاستقامة في معناها اللغوي فمعناها: أن تلتزم الطريق المستقيم، والطريق المستقيم هو الذي أخبر الله عز وجل عنه في قوله:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام:١٥٣]، وهو الذي رسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده يوم كان يحدث أصحابه، فرسم خطاً طويلاً مستقيماً وقال:(هذا صراط الله) ورسم عن يمينه وعن شماله طرقاً وعليها سبل وقال: (هذه هي السبل، وعليها ستر مرخاة، وعلى كل واحد منها شيطان يدعو إليه، وعلى الصراط المستقيم داع يقول: يا عبد الله! لا تلجه؛ فإنك إن تلجه لا تخرج منه إلى يوم القيامة)، ولقد تبين لنا في دنيا الناس اليوم هذه السبل وانكشفت أمام العيان، ورأينا دعاة الباطل الذين يقفون على أبواب هذه الطرق يريدون أن يزيحوا هذه الأستار عن هذه الطرق حتى يلجها الناس فيتورطوا بها إلى يوم القيامة.
هذا هو معنى الاستقامة.
أما معنى الانحراف فهو الاتجاه إلى إحدى هذه الطرق التي رسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي التي قال عنها الله عز وجل:{وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[الأنعام:١٥٣].